للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا حرص المرء على اكتساب الفضائل، وألزم نفسه على التخلق بالمحاسن، ولم يرض من منقبة إلا بأعلاها، ولم يقف عند فضيلة إلا وطلب الزيادة عليها، نال مكارم الأخلاق.

* من أمثلة ساقطي الهمة:

١ - قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦)} [الأعراف ١٧٥ - ١٧٦].

هذه قصة رجل من بني إسرائيل آتاه الله آيات -وقيل اسم الله الأعظم- لكنه انسلخ منها، واستبدل الإيمان بالكفر، والفضيلة بالرذيلة، فصورته بشعة قبيح المنظر، منسلخ الجلد، وخلفه الشيطان يحثه ويتبعه، فهذا الفاجر المتبوع أخلد إلى الأرض والتصق بها، وسقطت همته بالذنوب والمعاصي، واتبع هواه، فمثله كمثل الكلب في اللهاث الدائم، ومن طبع الكلب أنه يلهث دائمًا، وهذا الفاجر الجاحد التابع لهواه يلهث، لأن الشيطان يحثه على سيره المعوج.

قلت: فالعاقل لا يستبدل نعم الله عليه من الهداية إلى الضلال، ومن العفة إلى المآثم، والعاقل لا يخالط اللاعبين العابثين؛ لأن صحبتهم جرب، وعشرتهم داء.

٢ - قال الفضيل بن عاصم: بينما رجل يطوف بالكعبة إذ بُصر بامرأة

<<  <   >  >>