للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَهَبٍ فَقَالَ لِي: «يَا عُدَيُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ» ، فَطَرَحْتُهُ ثُمَّ [١] انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، حَتَّى فَرَغَ منها، قلت: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيَحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟» قال: فقلت: بَلَى، قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» .

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:

وَهَلْ بَدَّلَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ ... وَأَحْبَارُ سَوْءٍ وَرُهْبَانُهَا

وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، أي: اتّخذوه إلها [واحدا] [٢] ، وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

[[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]]

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، أَيْ: يُبْطِلُوا دِينَ اللَّهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: النُّورُ الْقُرْآنُ، أَيْ: يُرِيدُونَ أَنْ يَرُدُّوا الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَكْذِيبًا، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، أَيْ: يُعْلِيَ دِينَهُ وَيُظْهِرَ كَلِمَتَهُ وَيُتِمَّ الْحَقَّ الَّذِي بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ.

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ، يَعْنِي: الَّذِي يَأْبَى إِلَّا إِتْمَامَ دِينِهِ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْهُدى، قِيلَ: بِالْقُرْآنِ. وَقِيلَ: بِبَيَانِ الْفَرَائِضِ، وَدِينِ الْحَقِّ، وَهُوَ: الْإِسْلَامُ، لِيُظْهِرَهُ، لِيُعْلِيَهُ وَيَنَصُرَهُ، عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، على سائر الأديان كلها، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: لِيُعَلِّمَهُ شَرَائِعَ الدِّينِ كُلَّهَا فَيُظْهِرَهُ عَلَيْهَا حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ. وَقَالَ الْآخَرُونَ: الْهَاءُ رَاجِعَةٌ إِلَى دِينِ الْحَقِّ، وَظُهُورُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ هُوَ أَنْ لَا يُدَانَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا بِهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالضَّحَّاكُ: وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَا يَبْقَى أَهْلُ دِينٍ إِلَّا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ.

«١٠٥٩» وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نُزُولِ عِيسَى عليه السلام قال: «ويهلك


عدي بن حاتم، ورووه بألفاظ متقاربة، قال الترمذي: غريب، وغطيف ليس بمعروف اه.
قلت: غطيف هو ابن أعين، ضعفه الدارقطني، ووثقه ابن حبان، وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٣٦٢) : رووه من طرق عن عدي مرفوعا اه.
والحديث حسنه شيخنا الأرناؤط في تعليقه على «فتح المجيد» والألباني في «صحيح الترمذي» ٢٤٧١ وبعد بحث لم أجد له طريقا آخر غير طريق غطيف هذا، وله شاهد موقوف.
وانظر «تفسير القرطبي» ٣٣٣٧ و «تفسير الشوكاني» ١٠٩٥ و «أحكام القرآن» ١١٠٤ وهذه الثلاثة جميعا بتخريجي، ولله الحمد والمنة.
الخلاصة: هو حديث يشبه الحسن.
١٠٥٩- تقدم في سورة آل عمران آية: ٥٥.
(١) في المطبوع «فلما» .
(٢) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>