للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ: هل تزوجها سليمان؟ فقال: انْتَهَى أَمْرُهَا إِلَى قَوْلِهَا أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، يَعْنِي لَا عِلْمَ لَنَا وَرَاءَ ذَلِكَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَزَوَّجَهَا [١] وَلَمَّا أراد أن يتزوجها كره لما رَأَى مِنْ كَثْرَةِ شَعْرِ سَاقَيْهَا، فَسَأَلَ الْإِنْسَ مَا يُذْهِبُ هَذَا [الشعر] [٢] قَالُوا: الْمُوسَى، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَمَسَّنِي حَدِيدَةٌ قَطُّ، فِكَرِهَ سُلَيْمَانُ الْمُوسَى، وَقَالَ: إِنَّهَا تَقْطَعُ سَاقَيْهَا، قال الحسن: فَسَأَلَ الْجِنَّ فَقَالُوا: لَا نَدْرِي، ثُمَّ سَأَلَ الشَّيَاطِينَ فَقَالُوا: إِنَّا نحتال لك حتى يكون كالفضة البيضاء، فاتخذوا النور والحمام فكانت النور وَالْحَمَّامَاتُ مِنْ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا سُلَيْمَانُ أَحَبَّهَا حُبًّا شَدِيدًا وَأَقَرَّهَا عَلَى مُلْكِهَا وَأَمَرَ الْجِنَّ فَابْتَنَوْا لَهَا بِأَرْضِ الْيَمَنِ ثَلَاثَةَ حُصُونٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهَا ارْتِفَاعًا وحسنا وهي سلحين وبيسنون وَعَمْدَانُ، ثُمَّ كَانَ سُلَيْمَانُ يَزُورُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا إِلَى مُلْكِهَا وَيُقِيمُ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَبْتَكِرُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْيَمَنِ وَمِنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ، وَوَلَدَتْ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ.

وَرُوِيَ [عَنْ] [٣] وَهْبٍ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ بِلْقِيسَ لَمَّا أَسْلَمَتْ قَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ: اخْتَارِي رَجُلًا مِنْ قَوْمِكِ أُزَوِّجُكِهِ، قَالَتْ: وَمِثْلِي يا نبي الله ينكح الرِّجَالَ وَقَدْ كَانَ لِي فِي قَوْمِي مِنَ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ مَا كَانَ، قَالَ:

نَعَمْ إِنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي لَكِ أَنْ تُحَرِّمِي مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكِ، فَقَالَتْ: زَوِّجْنِي إِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ ذَا تُبَّعٍ مَلِكَ همدان فزوجها إياه ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى الْيَمَنِ وَسَلَّطَ زَوْجَهَا ذَا تُبَّعٍ عَلَى الْيَمَنِ ودعا زوبعة أمير الجن باليمن، فَقَالَ: اعْمَلْ لِذِي تُبَّعٍ مَا اسْتَعْمَلَكَ فِيهِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مَلِكًا يَعْمَلُ لَهُ فِيهَا مَا أَرَادَ حَتَّى مَاتَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا أَنْ حَالَ الْحَوْلُ وَتَبَيَّنَتِ الْجِنُّ مَوْتَ سُلَيْمَانَ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَسَلَكَ تِهَامَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي جَوْفِ الْيَمَنِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ إِنَّ الْمَلِكَ سُلَيْمَانَ قَدْ مَاتَ، فَارْفَعُوا أيديكم [عما أنتم فيه من انشغالكم] [٤] فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَتَفَرَّقُوا وَانْقَضَى مُلْكُ ذِي تُبَّعٍ، وَمُلْكُ بِلْقِيسَ مَعَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ.

وَقِيلَ: إِنَّ الْمُلْكَ وَصَلَ إِلَى سُلَيْمَانَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً وَمَاتَ وَهُوَ ابن ثلاث وخمسين سنة.

[[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩)

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ، وَحْدَهُ، فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ، مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ، يَخْتَصِمُونَ، فِي الدِّينِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: وَاخْتِصَامُهُمْ مَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: [٧٥- ٧٧] قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ [الأعراف: ٧٥- ٧٧] .

ف قالَ، لَهُمْ صَالِحٌ، يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ، بِالْبَلَاءِ وَالْعُقُوبَةِ، قَبْلَ الْحَسَنَةِ، العافية والرحمة، لَوْلا، هَلَّا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، بِالتَّوْبَةِ مِنْ كفركم، لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

قالُوا اطَّيَّرْنا، أَيْ تَشَاءَمْنَا، وَأَصْلُهُ تَطَيَّرْنَا، بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، قِيلَ: إِنَّمَا قالوا ذلك لتفرق


(١) زيد في المخطوط «سليمان» .
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيد في المطبوع.
(٤) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>