للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي النَّارِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يُكَلَّفُونَ ارْتِقَاءَ جَبَلٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي النَّارِ وَالْكَلَامُ خَرَجَ عَلَى الْوُجُوهِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا أَصْحَابُهَا.

تَصْلى نَارًا، قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَأَبُو بَكْرٍ تَصْلى بِضَمِّ التَّاءِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ: تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) ، وَقَرَأَ الآخرون بفتح التاء، حامِيَةً، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَدْ حَمِيَتْ فَهِيَ تَتَلَظَّى عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ.

تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) ، مُتَنَاهِيَةٍ فِي الْحَرَارَةِ قَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهَا جَهَنَّمُ مُنْذُ خُلِقَتْ، فَدُفِعُوا إِلَيْهَا وِرْدًا عِطَاشًا. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَوْ وَقَعَتْ مِنْهَا قَطْرَةٌ عَلَى جِبَالِ الدُّنْيَا لَذَابَتْ، هَذَا شَرَابُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ طَعَامَهُمْ.

فَقَالَ: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: هُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ لَاطِئٍ بِالْأَرْضِ، تُسَمِّيهِ قُرَيْشٌ الشَّبْرَقَ فَإِذَا هَاجَ سُمَّوْهَا الضَّرِيعَ، وَهُوَ أَخْبَثُ طَعَامٍ وَأَبْشَعُهُ. وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا تَقْرَبُهُ دَابَّةٌ إِذَا يَبِسَ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الضَّرِيعَ الشَّوْكُ الْيَابِسُ الَّذِي يَبِسَ لَهُ وَرَقٌ، وَهُوَ فِي الآخرة شوك من نار، جاء فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الضريع شيء في النار يشبه الشَّوْكِ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتُنُّ مِنَ الْجِيفَةِ وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النار، قال أَبُو الدَّرْدَاءِ وَالْحَسَنُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْسِلُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعَ حَتَّى يَعْدِلَ عِنْدَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِالضَّرِيعِ، ثُمَّ يَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ، فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجِيزُونَ الْغُصَصَ فِي الدُّنْيَا بِالْمَاءِ فَيَسْتَسْقُونَ فَيُعْطِشُهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يُسْقُونَ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ شَرْبَةً لَا هَنِيئَةَ وَلَا مَرِيئَةَ، كلما أَدْنَوْهُ مِنْ وُجُوهِهِمْ، سَلَخَ جُلُودَ وُجُوهِهِمْ وَشَوَاهَا فَإِذَا وَصَلَ إِلَى بطونهم قطعها فذلك قوله وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ [محمد: ١٥] .

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ إِبِلَنَا لَتَسْمَنُ عَلَى الضَّرِيعِ، وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْإِبِلَ إِنَّمَا تَرْعَاهُ ما دام رطبا تسمى شَبْرَقًا فَإِذَا يَبِسَ لَا يَأْكُلُهُ شيء.

[[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ٧ الى ١٧]]

لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١)

فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)

أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)

فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) .

ثُمَّ وَصَفَ أَهْلَ الْجَنَّةِ فَقَالَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) ، قَالَ مُقَاتِلٌ فِي نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ.

لِسَعْيِها، فِي الدُّنْيَا، راضِيَةٌ، فِي الْآخِرَةِ حِينَ أُعْطِيَتِ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهَا.

فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) . لغوا وباطلا قَرَأَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ لَا يُسْمَعُ بِالْيَاءِ وَضَمِّهَا، لاغِيَةً رَفْعٌ، وقرأ نافع بالتاء وضمها لاغِيَةً رفع، وقر الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ وَفَتَحِهَا لاغِيَةً بِالنَّصْبِ عَلَى الْخِطَابِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) ، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَلْوَاحُهَا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٌ بِالزَّبَرْجَدِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مُرْتَفِعَةٌ مَا لَمْ يَجِيءْ أَهْلُهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا تَوَاضَعَتْ لَهُ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَرْتَفِعُ إِلَى مَوَاضِعِهَا.

وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) ، عِنْدَهُمْ جَمْعُ كُوبٍ، وَهُوَ الْإِبْرِيقُ الَّذِي لَا عُرْوَةَ لَهُ.

وَنَمارِقُ، وَسَائِدُ وَمَرَافِقُ، مَصْفُوفَةٌ، بَعْضُهَا بِجَنْبِ بَعْضٍ وَاحِدَتُهَا نُمْرُقَةٌ بِضَمِّ النُّونِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>