للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالَ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ: قالَ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ قُلْ عَلَى الْأَمْرِ، أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: «جِئْنَاكُمْ» عَلَى الْجَمْعِ، وَالْآخَرُونَ [جِئْتُكُمْ] [١] عَلَى الْوَاحِدِ، بِأَهْدى، بِدِينٍ أَصْوَبَ، مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ، قال الزجاج: قال لَهُمْ [يَا مُحَمَّدُ] [٢] أَتَتَّبِعُونَ مَا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ وَإِنْ جِئْتُكُمْ بأهدى منه؟ فأبوا أن يقبلوه. قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.

فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ، أَيْ بَرِيءٌ، وَلَا يُثَنَّى «الْبَرَاءُ» وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ النَّعْتِ. مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي [خَلَقَنِي] فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) ، يُرْشِدُنِي لِدِينِهِ.

وَجَعَلَها، يَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَةَ، كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ [في ذريته] [٣] ، قَالَ مُجَاهِدٌ وقَتَادَةُ: يَعْنِي كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ أي فِي ذُرِّيَّتِهِ قَالَ قَتَادَةُ: لَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيُوَحِّدُهُ وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: يَعْنِي جعل وَصِيَّةَ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي أَوْصَى بِهَا بَنِيهِ بَاقِيَةً فِي نَسْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ

[الْبَقَرَةِ: ١٣٢] .

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي قَوْلَهُ: أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [الْبَقَرَةِ: ١٣١] ، وَقَرَأَ: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ [الْحَجِّ: ٧٨] ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، لَعَلَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَتَّبِعُونَ هَذَا الدِّينَ وَيَرْجِعُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ إِلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ أُعَاجِلْهُمْ بالعقوبة على كفرهم، حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ، يَعْنِي الْقُرْآنُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْإِسْلَامُ. وَرَسُولٌ مُبِينٌ، يُبَيِّنُ لَهُمُ الْأَحْكَامَ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ هَذَا الْإِنْعَامِ [٤] أَنْ يُطِيعُوهُ فَلَمْ يَفْعَلُوا وَعَصَوْا.

وَهُوَ قوله: وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ، يَعْنِي الْقُرْآنُ، قالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) ، يَعْنُونَ الْوَلِيدَ بن مغيرة مِنْ مَكَّةَ، وَعُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ بِالطَّائِفِ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ مِنْ مَكَّةَ، وَابْنُ عَبْدِ يَالَيْلَ الثَّقَفِيُّ مِنَ الطَّائِفِ. وَقِيلَ:

الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مِنْ مَكَّةَ، وَمِنَ الطَّائِفِ حَبِيبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ. وَيُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.

[[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٣٢ الى ٣٥]]

أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢) وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)


(١) زيادة عن المخطوط (ب) .
٢ زيادة عن المخطوط (ب) .
٣ زيادة عن المخطوط (ب) .
(٤) في المطبوع «هذه الأحكام» والمثبت عن ط والمخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>