للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو [١] الْلُّؤْلُؤِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بن الأشعث السِّجِسْتَانِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءٍ» : فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا، قَالَ: «كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ» ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ، أَيِ: الْمُتَطَهِّرِينَ.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٩]]

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩)

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ، قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ «أُسِّسَ» بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ، بُنْيانَهُ برفع النون فيها جَمِيعًا عَلَى غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ. وقرأ الآخرون: أسس بفتح الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ بُنْيَانَهُ بِنَصْبِ النُّونِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ. عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ، أَيْ: عَلَى طَلَبِ التَّقْوَى وَرِضَا اللَّهِ تَعَالَى خَيْرٌ، أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا، أي: عَلَى شَفِيرِ، جُرُفٍ، قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو [٢] وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ «جُرْفٍ» سَاكِنَةُ الرَّاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي لَمَّ تُطْوَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْهُوَّةُ وَمَا يَجْرُفُهُ السيل من الأودية فيتجرّف [٣] بِالْمَاءِ فَيَبْقَى وَاهِيًا، هَارٍ، أَيْ: هَائِرٌ وَهُوَ السَّاقِطُ يُقَالُ هَارَ يَهُورُ فَهُوَ هَائِرٌ، ثُمَّ يُقْلَبُ فَيُقَالُ: هَارٍ مِثْلُ شَاكٍ وَشَائِكٍ وَعَاقٍ وَعَائِقٍ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ هار بها إِذَا انْهَدَمَ، وَمَعْنَاهُ السَّاقِطُ الَّذِي يَتَدَاعَى بَعْضُهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ كَمَا يَنْهَارُ الرَّمْلُ وَالشَّيْءُ الرَّخْوُ. فَانْهارَ بِهِ، أَيْ:

سَقَطَ بِالْبَانِي [٤] فِي نارِ جَهَنَّمَ، يُرِيدُ بِنَاءَ هَذَا الْمَسْجِدِ الضِّرَارِ كَالْبِنَاءِ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَيَهُورُ بِأَهْلِهَا فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُرِيدُ صَيَّرَهُمُ النِّفَاقُ إِلَى النَّارِ. وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، قَالَ قَتَادَةُ: وَاللَّهِ مَا تَنَاهَى أَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ، وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ حُفِرَتْ بُقْعَةٌ فيه، فرؤي الدُّخَانُ يَخْرُجُ مِنْهَا. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: رَأَيْتُ الدُّخَانَ يخرج من مسجد الضرار.

[[سورة التوبة (٩) : الآيات ١١٠ الى ١١١]]

لَا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠) إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)

لَا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً، أَيْ: شَكًّا وَنِفَاقًا، فِي قُلُوبِهِمْ، يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ كانوا في بنائه مُحْسِنِينَ كَمَا حُبِّبَ الْعِجْلُ إِلَى قَوْمِ مُوسَى، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ لِأَنَّهُمْ نَدِمُوا عَلَى بِنَائِهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَا يَزَالُ هدم بنيانهم ريبة أي [٥] حزازة وغيظا في قلوبهم.


قال الحاكم: حديث كبير صحيح في الطهارة اه وسكت الذهبي، وقال الدارقطني: عتبة بن أبي حكيم غير قوي اه.
وحسنه الزيلعي في «نصب الرآية» (١/ ٢١٩) والظاهر أنه حسنه لشواهد فإنه يتقوى بها والله أعلم.
وانظر «فتح القدير» للشوكاني ١١٥٠ و١١٥١ و١١٥٢ و «أحكام القرآن» ١٢١٤ وقد فصلت القول فيه في هذا الحديث فلفظ البغوي الصحيح موقوف غير مرفوع.
(١) في المخطوط «عمر» .
(٢) في المخطوط «ابن عامر» .
(٣) في المخطوط «فيحفر» .
(٤) في المخطوط «بالباقي» .
(٥) في المطبوع «و» والمثبت عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>