للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْفُسِكُمْ، يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ، وَجَبَتْ، كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة: ١٣] .

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها، قَالَ الْكُوفِيُّونَ: هَذِهِ الْوَاوُ زَائِدَةٌ حَتَّى تَكُونَ جَوَابًا لقوله: حَتَّى إِذا جاؤُها كَمَا [١] فِي سَوْقِ الْكُفَّارِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً [الْأَنْبِيَاءِ: ٤٨] أَيْ ضِيَاءً، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وقيل: الواو واو والحال، مَجَازُهُ: وَقَدْ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا، فَأَدْخَلَ الْوَاوَ لِبَيَانِ أَنَّهَا كَانَتْ مُفَتَّحَةً قَبْلَ مَجِيئِهِمْ وَحَذْفُهَا فِي الْآيَةِ الأولى أَنَّهَا كَانَتْ مُغْلَقَةً قَبْلَ مَجِيئِهِمْ، فَإِذَا لَمْ تُجْعَلِ الْوَاوُ زَائِدَةً في قوله: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها.

اختلفوا في جواب قوله: حَتَّى إِذا، قيل: جوابه قوله: جاؤُها، ووَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها، وَالْوَاوُ فِيهِ مُلْغَاةٌ تقديره: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها قال لَهُمْ خَزَنَتُهَا.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْقَوْلُ عِنْدِي أَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: حتى إذا جاؤوها وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا. وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ، دَخَلُوهَا فَحَذَفَ دَخَلُوهَا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ، يُرِيدُ أَنَّ خَزَنَةَ الْجَنَّةِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُونَ طِبْتُمْ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَابَ لَكُمُ الْمَقَامُ. قَالَ قَتَادَةُ: هُمْ إِذَا قَطَعُوا النَّارَ حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَقْتَصُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَطُيِّبُوا أُدْخِلُوا [٢] الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُمْ رِضْوَانُ وَأَصْحَابُهُ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: سِيقُوا إِلَى الْجَنَّةِ فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَيْهَا وَجَدُوا عِنْدَ بَابِهَا شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ فَيَغْتَسِلُ الْمُؤْمِنُ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ، وَيَشْرَبُ من الأخرى فيطهر باطنه، وتلقته الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ.

[[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]]

وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٧٥)

وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ، أَيْ أَرْضَ الْجَنَّةِ. وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠٥] . نَتَبَوَّأُ، نَنْزِلُ، مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ، ثَوَابُ [٣] الْمُطِيعِينَ.

وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، أَيْ مُحْدِقِينَ مُحِيطِينَ بِالْعَرْشِ، مُطِيفِينَ بِحَوَافِيهِ أَيْ بِجَوَانِبِهِ، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، قِيلَ: هَذَا تَسْبِيحُ تَلَذُّذٍ لَا تَسْبِيحُ تَعَبُّدٍ لِأَنَّ التكليف متروك فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، أَيْ قُضِيَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بِالْعَدْلِ، وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، يَقُولُ أَهْلُ الجنة: شكرا حِينَ تَمَّ وَعْدُ اللَّهِ لَهُمْ.


(١) في المخطوط «كما قال في» .
(٢) في المخطوط «دخلوا» .
(٣) في المطبوع «ثوب» والمثبت عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>