للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ قَوْمٌ: أَتَى اللَّهُ أَيُّوبَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ أَهْلِهِ الَّذِينَ هَلَكُوا، فَأَمَّا الَّذِينَ هَلَكُوا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرَدُّوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا.

قَالَ عِكْرِمَةُ: قِيلَ لِأَيُّوبَ إِنَّ أَهْلَكَ لَكَ فِي الْآخِرَةِ فَإِنْ شِئْتَ عَجَّلْنَاهُمْ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ شِئْتَ كَانُوا لَكَ فِي الْآخِرَةِ، وَآتَيْنَاكَ مِثْلَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ يَكُونُونَ لِي فِي الْآخِرَةِ، وَأُوتَى مِثْلَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَعَلَى هذا يكون معنى: وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ فِي الْآخِرَةِ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَأَرَادَ بِالْأَهْلِ الْأَوْلَادَ، رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا، أَيْ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا، وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ، أي عظة وعبرة لهم.

[[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٥ الى ٨٧]]

وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لَا إِلهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)

قوله: وَإِسْماعِيلَ، يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، وَإِدْرِيسَ، وَهُوَ أَخْنُوخُ، وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ، عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، واختلفوا في ذا الكفل.

فقال عَطَاءٌ: إِنَّ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أُرِيدُ قَبْضَ رُوحِكَ فَاعْرِضْ مُلْكَكَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَنْ تَكَفَّلَ لك أن يصلي بالليل ولا يَفْتُرُ وَيَصُومَ بِالنَّهَارِ وَلَا يُفْطِرُ، وَيَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَغْضَبُ، فَادْفَعْ مُلْكَكَ إِلَيْهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَقَامَ شَابٌّ: فَقَالَ: أَنَا أَتَكَفَّلُ لَكَ بِهَذَا فَتَكَفَّلَ، وَوَفَّى بِهِ فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ وَنَبَّأَهُ فَسُمِّيَ ذا الكفل.

قال مُجَاهِدٌ: لَمَّا كَبُرَ الْيَسَعُ قَالَ لو أني استخلفت رَجُلًا عَلَى النَّاسِ يَعْمَلُ عَلَيْهِمْ في حياتي حتى أنظر [إليه] [١] كَيْفَ يَعْمَلُ، قَالَ: فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: مَنْ يَتَقَبَّلُ مِنِّي بِثَلَاثٍ أَسْتَخْلِفُهُ: يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَغْضَبُ، فَقَامَ رَجُلٌ تَزْدَرِيهِ الْعَيْنُ، فَقَالَ: أَنَا فَرَدَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَقَالَ مِثْلَهَا الْيَوْمَ الْآخَرَ فَسَكَتَ النَّاسُ، وَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ: أَنَا فردّه ذلك اليوم، فَاسْتَخْلَفَهُ فَأَتَاهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ ضَعِيفٍ حِينَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ لِلْقَائِلَةِ، وَكَانَ لَا يَنَامُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا تِلْكَ النَّوْمَةِ فَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَ:

مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَظْلُومٌ، فَقَامَ فَفَتَحَ الباب فقال الشيخ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي خُصُومَةً وإنهم ظلموني وفعلوا فعلوا وجعل يَطُولُ حَتَّى حَضَرَ الرَّوَاحُ، وَذَهَبَتِ القائلة، فقال له إذا رحت فائتني حتى آخُذُ حَقَّكَ فَانْطَلَقَ وَرَاحَ فَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ يَنْظُرُ هَلْ يَرَى الشَّيْخَ فَلَمْ يَرَهُ، فَقَامَ يَبْتَغِيهِ فلما كان من الْغَدُ جَلَسَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ وَيَنْتَظِرُهُ فَلَا يَرَاهُ، فَلِمَا رَجَعَ إِلَى الْقَائِلَةِ فَأَخَذَ مَضْجَعَهُ أَتَاهُ فَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: الشَّيْخُ الْمَظْلُومُ فَفَتَحَ [لَهُ الْبَابَ] [٢] فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إذا قعدت فائتني؟ قال: إِنَّهُمْ أَخْبَثُ قَوْمٍ إِذَا عَرَفُوا أَنَّكَ قَاعِدٌ قَالُوا نَحْنُ نُعْطِيكَ حَقَّكَ وَإِذَا قُمْتُ جَحَدُونِي، قَالَ فَانْطَلِقْ فَإِذَا رُحْتُ فَائْتِنِي، فَفَاتَتْهُ القائلة فراح فَجَعَلَ يَنْظُرُ فَلَا يَرَاهُ فَشَقَّ عَلَيْهِ النُّعَاسُ، فَقَالَ لِبَعْضِ أَهْلِهِ لا تدعن أحدا يقرب من هَذَا الْبَابَ حَتَّى أَنَامَ فَإِنَّهُ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ النَّوْمُ، فَلَمَّا كان تلك الساعة جاء [إليه] [٣] فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّجُلُ فَلَمَّا أَعْيَاهُ نَظَرَ فَرَأَى كُوَّةً فِي الْبَيْتِ فَتَسَوَّرَ مِنْهَا فَإِذَا هُوَ فِي الْبَيْتِ يَدُقُّ الْبَابَ مِنْ دَاخِلٍ، فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: يَا فُلَانُ ألم آمرك


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>