للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: معناه ذَلِكَ الْكَافِرُ اتَّخَذَ دِينَهُ مَا يَهْوَاهُ، فَلَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا رَكِبَهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَلَا يَخَافُهُ، وَلَا يُحَرِّمُ مَا حرم الله. وقال الآخرون: مَعْنَاهُ اتَّخَذَ مَعْبُودَهُ هَوَاهُ فَيَعْبُدُ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَإِذَا وَجَدُوا شَيْئًا أَحْسَنَ مِنَ الْأَوَّلِ رَمَوْهُ وكسروه، وَعَبَدُوا الْآخَرَ. قَالَ الشِّعْبِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْهَوَى لِأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِي النَّارِ. وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ، مِنْهُ بِعَاقِبَةِ أَمْرِهِ وَقِيلَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ ضَالٌّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، وَخَتَمَ، طَبَعَ، عَلى سَمْعِهِ فَلَمْ يَسْمَعِ الْهُدَى، وَقَلْبِهِ، فَلَمْ يَعْقِلِ الْهُدَى، وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ غَشْوَةً بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الشِّينِ، وَالْبَاقُونَ غِشَاوَةً ظُلْمَةً فَهُوَ لَا يُبْصِرُ الْهُدَى، فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ، أَيْ فَمَنْ يَهْدِيهِ بَعْدَ أَنْ أضله الله، أَفَلا تَذَكَّرُونَ.

[[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ٢٤ الى ٢٧]]

وَقالُوا مَا هِيَ إِلَاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَاّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَاّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ مَا كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَاّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧)

وَقالُوا، يَعْنِي مُنْكِرِي الْبَعْثِ، مَا هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا، أَيْ مَا الْحَيَاةُ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا، نَمُوتُ وَنَحْيا، أَيْ يَمُوتُ الْآبَاءُ وَيَحْيَا الْأَبْنَاءُ، وَقَالَ الزُّجَاجُ: يَعْنِي نَمُوتُ وَنَحْيَا، فَالْوَاوُ لِلِاجْتِمَاعِ، وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ، أَيْ وَمَا يُفْنِينَا إِلَّا مَرُّ الزَّمَانِ وَطُولُ الْعُمْرِ وَاخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَما لَهُمْ بِذلِكَ، أي الَّذِي قَالُوهُ، مِنْ عِلْمٍ، أَيْ لم يقولوه عن عِلْمٍ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ.

«١٩٠٩» أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّشٌ الزِّيَادِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الحسين القطان ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَقُلِ ابْنُ آدَمَ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُرْسِلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، فَإِذَا شِئْتُ قَبْضَتُهُمَا» .

«١٩١٠» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد الطاهري ثنا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرحمن البزاز أنا


١٩٠٩- إسناده صحيح، أحمد السلمي خرج له مسلم، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- عبد الرزاق بن همام، معمر بن راشد.
- وهو في «شرح السنة» ٣٢٨١ بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد ٢/ ٣١٨ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٣٠٥ من طريق عبد الرزاق به.
- وأخرجه البخاري ٤٨٢٦ و٧٤٩١ ومسلم ٢٢٤٦ ح ١ وأبو داود ٥٢٧٤ والحميدي ١٠٩٦ وأحمد ٢/ ٢٣٨ والطبري ٣١٢٠٧ وابن حبان ٥٧١٥ والبيهقي ٣/ ٣٦٥ والبغوي ٣٢٨٢ من طرق عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عن أبي هريرة به.
- وأخرجه مسلم ٢٢٤٦ ح ٣ وعبد الرزاق ٢٠٩٣٨ وأحمد ٢/ ٢٠٧٥ من طريق مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ المسيب عن أبي هريرة به.
- وأخرجه الطبري ٣١٢١١ من طريق معمر عن قتادة عن الزهري عن أبي هريرة به.
١٩١٠- صحيح. إسحق ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- عبد الرزاق بن همام، معمر بن راشد، أيوب هو ابن أبي تميمة، ابن سيرين هو محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>