للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخَبِيثَةَ، فَهُوَ وَلِيُّهُمُ، نَاصِرُهُمْ، الْيَوْمَ، وَقَرِينُهُمْ سَمَّاهُ وَلِيًّا لَهُمْ لِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، فِي الْآخِرَةِ.

وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، مِنَ الدِّينِ وَالْأَحْكَامِ، وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، أَيْ: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا بَيَانًا وَهُدًى وَرَحْمَةً فَالْهُدَى وَالرَّحْمَةُ عَطْفٌ على قوله:

لِتُبَيِّنَ.

[[سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٥ الى ٦٧]]

وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (٦٦) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧)

وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً، يَعْنِي: الْمَطَرَ، فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ، بِالنَّبَاتِ، بَعْدَ مَوْتِها، يُبُوسَتِهَا، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ، سَمْعَ الْقُلُوبِ لَا سَمْعَ الْآذَانِ.

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً، لَعِظَةً، نُسْقِيكُمْ، بِفَتْحِ النُّونِ هَاهُنَا وفي المؤمنين [٢١] ، [١] نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَعْقُوبُ وَالْبَاقُونَ بِضَمِّهَا وَهُمَا لُغَتَانِ. مِمَّا فِي بُطُونِهِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: رَدَّ الْكِنَايَةَ إِلَى النَّعَمِ، وَالنَّعَمُ وَالْأَنْعَامُ وَاحِدٌ، وَلَفْظُ النَّعَمِ مُذَكَّرٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ: النَّعَمُ يذكر ويؤنث فمن أنث فالمعنى الْجَمْعِ وَمَنْ ذَكَّرَ فَلِحُكْمِ اللَّفْظِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: رَدَّهُ إِلَى مَا يَعْنِي فِي بُطُونِ مَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ [٢] :

الْكِنَايَةُ مَرْدُودَةٌ إِلَى الْبَعْضِ وَالْجُزْءِ كَأَنَّهُ قَالَ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ اللَّبَنَ إِذْ ليس كلها [٣] لَبَنٌ وَاللَّبَنُ فِيهِ مُضْمَرٌ، مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ، وَهُوَ مَا فِي الْكَرِشِ مِنَ الثِّقْلِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ لَا يُسَمَّى فَرْثًا، وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً، مِنَ الدَّمِ وَالْفَرْثِ لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْنُ دَمٍ وَلَا رَائِحَةُ فَرْثٍ، سائِغاً لِلشَّارِبِينَ، هَنِيئًا يَجْرِي عَلَى السُّهُولَةِ فِي الْحَلْقِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يُغَصَّ أَحَدٌ بِاللَّبَنِ قَطُّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا أَكَلَتِ الدَّابَّةُ الْعَلَفَ وَاسْتَقَرَّ في كرشها وطحنته كان أسفله الفرث وَأَوْسَطُهُ اللَّبَنَ وَأَعْلَاهُ الدَّمَ، وَالْكَبِدُ متسلطة [٤] عَلَيْهَا تُقَسِّمُهَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجْرِي الدَّمُ فِي الْعُرُوقِ وَاللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَيَبْقَى الْفَرْثُ كَمَا هُوَ.

وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ، يَعْنِي: وَلَكُمْ أَيْضًا عِبْرَةٌ فِيمَا نُسْقِيكُمْ وَنَرْزُقُكُمْ مِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ، تَتَّخِذُونَ مِنْهُ وَالْكِنَايَةُ فِي مِنْهُ عَائِدَةٌ إِلَى (مَا) مَحْذُوفَةٌ أَيْ: مَا تَتَّخِذُونَ [٥] مِنْهُ، سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً، قَالَ قَوْمٌ: السَّكَرُ الخمر، والرزق الْحَسَنُ الْخَلُّ وَالزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَالرُّبُ، قَالُوا: وَهَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ:

السَّكَرُ ما شربت، والرزق الْحَسَنُ مَا أَكَلْتَ. وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ السَّكَرَ هُوَ الْخَلُّ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: السَّكَرُ النَّبِيذُ [الْمُسْكِرُ] [٦] وَهُوَ نَقِيعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إِذَا اشْتَدَّ والمطبوخ من العصير،


(١) زيد في المطبوع «قرأ» .
(٢) تصحف في المخطوط «المؤرخ» . [.....]
(٣) في المطبوع «لكلها» .
(٤) في المطبوع «مسلطة» .
(٥) في المخطوط «يتخذونه» .
(٦) زيد في المطبوع وط.

<<  <  ج: ص:  >  >>