للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حُكْمٍ، وَلَيْسَ فِي ظَاهِرِهِ شَرْحُ مَا بِكُمْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ وَمَسَّتْ حَاجَتُكُمْ إِلَيْهِ، فَإِذَا سَأَلْتُمْ عَنْهَا حينئذ تُبْدَ لَكُمْ، عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ.

[[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٣]]

قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢) مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)

قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ، كَمَا سَأَلَتْ ثَمُودُ صَالِحًا النَّاقَةَ وَسَأَلَ قَوْمُ عِيسَى الْمَائِدَةَ، ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ، فَأُهْلِكُوا.

«٨٤٤» قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَعَفَا عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا.

مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ، أَيْ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي بَيَانِ هَذِهِ الْأَوْضَاعِ:

الْبَحِيرَةُ هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي كَانَتْ إِذَا وَلَدَتْ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ بَحَرُوا أُذُنَهَا، أَيْ: شَقُّوهَا وتركوا الحمل عليها ولم يركبوها، وَلَمْ يَجُزُّوا وَبَرَهَا وَلَمْ يَمْنَعُوهَا الْمَاءَ وَالْكَلَأَ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى خَامِسِ وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا نَحَرُوهُ وَأَكَلَهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى بَحَرُوا أُذُنَهَا، أَيْ: شَقُّوهَا وَتَرَكُوهَا، وَحُرِّمَ عَلَى النِّسَاءِ لَبَنُهَا وَمَنَافِعُهَا، وَكَانَتْ مَنَافِعُهَا خَاصَّةً لِلرِّجَالِ، فَإِذَا مَاتَتْ حَلَّتْ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقِيلَ: كَانَتِ النَّاقَةُ إِذَا تَابَعَتِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِنَاثًا سُيِّبَتْ فَلَمْ يَرْكَبْ ظَهْرَهَا وَلَمْ يَجُزَّ وَبَرَهَا وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَهَا إِلَّا ضَيْفٌ، فَمَا نَتَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أُنْثَى شُقَّ أُذُنُهَا ثُمَّ خُلِّيَ سَبِيلُهَا مَعَ أُمِّهَا في الإبل، فَلَمْ يَرْكَبْ ظَهْرَهَا وَلَمْ يَجُزَّ وَبَرَهَا وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَهَا إِلَّا ضَيْفٌ، كَمَا فُعِلَ بِأُمِّهَا، فَهِيَ الْبَحِيرَةُ بِنْتُ السَّائِبَةِ. وَقَالَ أَبُو عبيدة: السَّائِبَةُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسَيَّبُ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كان إذا مرض أو غاب لَهُ قَرِيبٌ نَذَرَ فَقَالَ: إِنْ شَفَانِي اللَّهُ تَعَالَى أَوْ شُفِيَ مَرِيضِي أَوْ عَادَ غَائِبِي، فَنَاقَتِي هَذِهِ سَائِبَةٌ، ثُمَّ يُسَيِّبُهَا فَلَا تُحْبَسُ عَنْ رَعْيٍ وَلَا مَاءٍ وَلَا يَرْكَبُهَا أَحَدٌ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ البحيرة، وقال علقمة: هي الْعَبْدُ يُسَيَّبُ عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَلَا عَقْلَ وَلَا مِيرَاثَ.

«٨٤٥» وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، وَالسَّائِبَةُ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولَةِ، وَهِيَ المسيبة كقوله تعالى:


٨٤٤- ذكره المصنف موقوفا، وقد جاء مرفوعا عند الدارقطني (٤/ ١٨٤) والطبراني (٢٢/ ٢٢١، ٢٢٢) والحاكم (٤/ ١١٥) من حديث أبي ثعلبة. وسكت عنه الحاكم، والذهبي، وفيه مكحول مدلس، وقد عنعن، وهو لم يسمع من أبي ثعلبة.
وله شاهد من حديث أبي الدرداء أخرجه الطبراني في «الصغير» ١١١١ وإسناده ضعيف جدا.
وورد من وجه آخر عند البزار ١٢٣ وإسناده صالح كما قال البزار.
فالحديث بشواهده حسن أو يشبه الحسن، والله أعلم.
٨٤٥- صحيح. أخرجه البخاري ٦٧٥٢ والبغوي ٢٢١٥ من حديث ابن عمر، ومسلم ١٥٠٤ ح ٥ عن ابن عمر عن عائشة مرفوعا.
وأخرجه البخاري ٢١٥٥ و٢٥٦١ و٢٧١٧ ومسلم ١٥٠٤ ح ٦ و٧ و٩ وأبو داود ٢٩٣٠ وابن ماجه ٢٥٢١ وأحمد (٦/ ٢١٣) وابن حبان ٤٣٢٥ و٤٢٧٢ والبيهقي (٥/ ٣٣٨) من طرق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبيه عن عائشة مطوّلا.
وأخرجه البخاري ٤٥٦ و٢٥٦٤ و٢٧٣٥ ومالك (٢/ ٧٨١) والشافعي (١٠/ ٣٣٦، ٣٣٧) وابن حبان ٤٣٢٦ والبيهقي (١٠/ ٣٣٧) من طرق عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عائشة مطوّلا.
وأخرجه مسلم ١٠٧٥ ح ١٧٢ و١٥٠٤ ح ١٠ والنسائي (٦/ ١٦٢، ١٦٣) وأحمد (٦/ ٤٥، ٤٦) وابن حبان ٤٢٦٩ من طرق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أبيه عن عائشة بأتم منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>