للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبَّاسٍ: هِيَ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا إيلة بين مدين والطور على شاطىء الْبَحْرِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هِيَ طَبَرِيَّةُ الشَّامِ.

إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ، أَيْ: يَظْلِمُونَ فِيهِ وَيُجَاوِزُونَ أَمْرَ اللَّهُ تَعَالَى بِصَيْدِ السَّمَكِ، إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً، أَيْ: ظَاهِرَةً عَلَى الْمَاءِ كَثِيرَةٌ، جَمْعُ شَارِعٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مُتَتَابِعَةٌ. وَفِي الْقِصَّةِ: أَنَّهَا كَانَتْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ مِثْلَ الْكِبَاشِ السِّمَانِ الْبِيضِ. وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ، قرأ الحسن: (يوم لَا يُسْبِتُونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: لَا يَدْخُلُونَ فِي السَّبْتِ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِنُصْبِ الْيَاءِ، وَمَعْنَاهُ: لَا يُعَظِّمُونَ السَّبْتَ، كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ، نَخْتَبِرُهُمْ، بِما كانُوا يَفْسُقُونَ، فَوَسْوَسَ إِلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ ينهكم عن الاصطياد إنما نهاكم عن الأكل، فاصطادوا. وقيل: وَسْوَسَ إِلَيْهِمْ أَنَّكُمْ إِنَّمَا نُهِيتُمْ عن الأخذ، فاتّخذوا حياضا على شاطىء الْبَحْرِ، تَسُوقُونَ الْحِيتَانَ إِلَيْهَا يَوْمَ السَّبْتِ ثُمَّ تَأْخُذُونَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، ففعلوا ذلك زمانا ثم تجرّؤوا عَلَى السَّبْتِ وَقَالُوا: مَا نَرَى السَّبْتَ إِلَّا قَدْ أُحِلُّ لَنَا فأخذوا وأكلوا أو باعوا، فَصَارَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَثْلَاثًا وَكَانُوا نَحْوًا مَنْ سَبْعِينَ أَلْفًا، ثُلُثٌ نَهَوْا، وَثُلُثٌ لَمْ يَنْهَوْا وَسَكَتُوا وَقَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ، وَثُلُثٌ هُمْ أَصْحَابُ الْخَطِيئَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهُوا قَالَ النَّاهُونَ: لَا نُسَاكِنُكُمْ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَسَّمُوا الْقَرْيَةَ بِجِدَارٍ، لِلْمُسْلِمِينَ بَابٌ وللمعتدين [١] باب، ولعنهم داود فَأَصْبَحَ النَّاهُونَ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمُعْتَدِينَ أَحَدٌ، فَقَالُوا: إنّ لهم لشأنا لعلّ الخمر غلبتهم فتسوّروا الجدار واسترقوا عليهم فإذا هم كلهم صاروا قردة وخنازير فعرفت القردة أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ وَلَمْ تَعْرِفِ الإنس أنسابها من القردة، فجعلت القردة تأتي أنسابها مِنَ الْإِنْسِ فَتَشُمُّ ثِيَابَهُ وَتَبْكِي فَيَقُولُ: أَلَمْ نَنْهَكُمْ فَتَقُولُ بِرَأْسِهَا نَعَمْ، فَمَا نَجَا إِلَّا الَّذِينَ نهوا وهلك سائرهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ، اخْتَلَفُوا فِي الَّذِينَ قَالُوا هَذَا، قِيلَ:

كَانُوا مِنَ الْفِرْقَةِ الْهَالِكَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا قِيلَ لَهُمُ انْتَهُوا عَنْ هَذَا الْعَمَلِ السيّء، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ فإنّا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ بِكُمْ بَأْسَهُ إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا أَجَابُوا وَقَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ، أَوْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا، أَيْ: قَالَ النَّاهُونَ مَعْذِرَةً، أَيْ: مَوْعِظَتُنَا مَعْذِرَةٌ إِلى رَبِّكُمْ، وقرأ حَفْصٌ: مَعْذِرَةً بِالنَّصْبِ، أَيْ: نَفْعَلُ ذَلِكَ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا مِنْ قَوْلِ الْفِرْقَةِ السَّاكِتَةِ [٢] ، قَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ، قَالُوا: مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ عَلَيْنَا فَعَلَيْنَا مَوْعِظَةُ هَؤُلَاءِ عُذْرًا إِلَى اللَّهِ، وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، أَيْ: يتقون الله ويتركون الْمَعْصِيَةَ وَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ مَعَ الْمُعْتَدِينَ لَكَانَ يَقُولُ وَلَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

[[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٥ الى ١٦٨]]

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (١٦٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧) وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨)

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ، أَيْ: تَرَكُوا مَا وُعِظُوا بِهِ، أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا، يَعْنِي: الْفِرْقَةَ الْعَاصِيَةَ، بِعَذابٍ بَئِيسٍ، أَيْ: شَدِيدٍ وَجِيعٍ، مِنَ الْبَأْسِ وَهُوَ الشِّدَّةُ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ، فِيهِ، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عَامِرٍ (بِئِيسٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى وَزْنِ فِعِلٍ، إِلَّا أَنِ ابْنَ عَامِرٍ يَهْمِزُهُ، وَأَبُو


(١) تصحف في المطبوع «وللمعتقدين» .
(٢) تصحف في المطبوع «الساكنة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>