للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ، ذَكَرْنَا عَدَدَهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ [٧٨] ، الْمُكْرَمِينَ، قِيلَ: سَمَّاهُمْ مُكْرَمِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَلَائِكَةً كِرَامًا عِنْدَ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِهِمْ: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٦] ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا ضَيْفَ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَكْرَمَ الْخَلِيقَةِ، وَضَيْفُ الْكِرَامِ مُكْرَمُونَ [١] وَقِيلَ: لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكْرَمَهُمْ بِتَعْجِيلِ قِرَاهُمْ، وَالْقِيَامِ بِنَفْسِهِ عليهم وطلاقة الْوَجْهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عن مجاهد: خدمته بنفسه إياهم.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمَّاهُمْ مكرمين لأنهم جاؤوا غَيْرَ مَدْعُوِّينَ.

«٢٠٣٠» وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليوم الآخر فليكرم ضيفه» [٢] .

[[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٢٥ الى ٣٤]]

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩)

قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤)

إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ، إبراهيم، سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ، أَيْ غُرَبَاءُ لَا نَعْرِفُكُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ فِي نَفْسِهِ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا نَعْرِفُهُمْ. وَقِيلَ: إِنَّمَا أَنْكَرَ أَمْرَهُمْ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: أَنْكَرَ سَلَامَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَفِي تِلْكَ الْأَرْضِ.

فَراغَ، فَعَدَلَ وَمَالَ [٣] ، إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، مَشْوِيٍّ.

فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ، لِيَأْكُلُوا فَلَمْ يَأْكُلُوا، قالَ أَلا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ، أَيْ صَيْحَةٍ، قِيلَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِقْبَالًا مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَقْبَلَ يَشْتُمُنِي، بِمَعْنَى أَخَذَ فِي شَتْمِي، أَيْ أخذت تولول كما قال الله تعالى: قالَتْ يا وَيْلَتى [هُودٍ: ٧٢] ، فَصَكَّتْ وَجْهَها، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَطَمَتْ وَجْهَهَا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: جَمَعَتْ أَصَابِعَهَا فَضَرَبَتْ جَبِينَهَا تَعَجُّبًا، كَعَادَةِ النِّسَاءِ إِذَا أَنْكَرْنَ شَيْئًا، وَأَصْلُ الصَّكِّ: ضَرْبُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ الْعَرِيضِ. وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، مَجَازُهُ: أَتَلِدُ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، وَكَانَتْ سَارَةُ لَمْ تَلِدْ قَبْلَ ذَلِكَ.

قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ، أَيْ كَمَا قُلْنَا لَكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّكَ سَتَلِدِينَ غُلَامًا، إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ.

قالَ، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ، فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) ، يَعْنِي قَوْمَ لُوطٍ.

لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً، مُعَلَّمَةً، عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

لِلْمُشْرِكِينَ، وَالشِّرْكُ أَسْرَفُ الذُّنُوبِ وَأَعْظَمُهَا.

[[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٣٥ الى ٤٣]]

فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩)

فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)


٢٠٣٠- تقدم في سورة البقرة عند آية: ١٧٧.
١ في المخطوط «يكرمون» .
٢ في المخطوط «يكرمون» .
(٣) في المخطوط «حال» .

<<  <  ج: ص:  >  >>