للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكَبِيرُ، الْعَظِيمُ الَّذِي كَلُّ شَيْءٍ دُونَهُ.

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً، بِالنَّبَاتِ، إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ، بِأَرْزَاقِ عِبَادِهِ وَاسْتِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ، خَبِيرٌ، بِمَا فِي قلوب العباد إِذَا تَأَخَّرَ الْمَطَرُ عَنْهُمْ.

لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، عَبِيدًا وَمُلْكًا، وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ، عَنْ عِبَادِهِ، الْحَمِيدُ، فِي أَفْعَالِهِ.

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ يعني وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفَلْكَ، تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ، وَقِيلَ: مَا فِي الأرض الدواب التي تركب في البر، والفلك التي تُرْكَبُ فِي الْبَحْرِ، وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ، لِكَيْلَا تَسْقُطَ عَلَى الْأَرْضِ، إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.

[[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٦ الى ٧١]]

وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١)

وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ، يعني: أَنْشَأَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ، عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ، يَوْمَ الْبَعْثِ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ، لِنِعَمِ اللَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [١] .

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي شَرِيعَةً هُمْ عَامِلُونَ بِهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: عِيدًا. قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: مَوْضِعَ قُرْبَانٍ يَذْبَحُونَ فِيهِ. وَقِيلَ: مَوْضِعَ عِبَادَةٍ. وَقِيلَ: مَأْلَفًا يَأْلَفُونَهُ. وَالْمَنْسَكُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْمَوْضِعُ الْمُعْتَادُ لِعَمَلِ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَمِنْهُ مَنَاسِكُ الْحَجِّ لِتَرَدُّدِ النَّاسِ إِلَى أَمَاكِنِ أَعْمَالِ الْحَجِّ. فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ، يَعْنِي فِي أَمْرِ الذَّبَائِحِ. نَزَلَتْ فِي بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَبِشْرِ بْنِ سُفْيَانَ وَيَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكُمْ تَأْكُلُونَ مِمَّا تَقْتُلُونَ بِأَيْدِيكُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مِمَّا قَتَلَهُ اللَّهُ؟ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: فَلا يُنازِعُنَّكَ أَيْ: لَا تُنَازِعْهُمْ أَنْتَ، كَمَا يُقَالُ: لَا يُخَاصِمُكَ فُلَانٌ، أَيْ: لَا تُخَاصِمْهُ، وَهَذَا جَائِزٌ فِيمَا يَكُونُ بَيْنَ الْاثْنَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَا يَضْرِبَنَّكَ فُلَانٌ وَأَنْتَ تُرِيدُ لَا تَضْرِبْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ وَالْمُخَاصَمَةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِاثْنَيْنِ، فَإِذَا تُرِكَ أَحَدُهُمَا فَلَا مُخَاصَمَةَ هُنَاكَ. وَادْعُ إِلى رَبِّكَ، إِلَى الْإِيمَانِ بِرَبِّكَ، إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ.

وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) .

اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) ، فَتَعْرِفُونَ حِينَئِذٍ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ.

وَالِاخْتِلَافُ ذَهَابُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ إِلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْآخَرُ.

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ، كُلَّهُ، فِي كِتابٍ، يَعْنِي اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، إِنَّ ذلِكَ يَعْنِي: علمه بجميع [٢] ذلك، عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «لجميع» .

<<  <  ج: ص:  >  >>