للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُنَاسٌ يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ فيهم.

[[سورة هود (١١) : الآيات ٦ الى ٧]]

وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ، أَيْ: لَيْسَ دابة [في الأرض] ، مِنْ صِلَةٌ، وَالدَّابَّةُ: كُلُّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَقَوْلُهُ: إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها، [أَيْ: هو المتكفّل برزقها] [١] ، أَيْ: هُوَ الْمُتَكَفِّلُ بِذَلِكَ فَضْلًا وَهُوَ إِلَى مَشِيئَتِهِ إِنْ شَاءَ رَزَقَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْزُقْ. وَقِيلَ: عَلَى بِمَعْنَى مِنْ، أَيْ: من الله رزقها. قال مُجَاهِدٌ: مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْقٍ فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْزُقْهَا حَتَّى تَمُوتَ جُوعًا. وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها، [قَالَ ابْنُ مِقْسَمٍ: وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْتَقَرَّهَا] [٢] الْمَكَانُ الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ وَتَسْتَقِرُّ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَمُسْتَوْدَعَهَا: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُدْفَنُ فِيهِ إِذَا مَاتَتْ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: [الْمُسْتَقَرُّ أَرْحَامُ الْأُمَّهَاتِ وَالْمُسْتَوْدَعُ الْمَكَانُ الَّذِي تَمُوتُ فِيهِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ] [٣] : الْمُسْتَقَرُّ أَرْحَامُ الْأُمَّهَاتِ وَالْمُسْتَوْدَعُ أَصْلَابُ الْآبَاءِ. وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ [أَبِي] [٤] طَلْحَةَ وَعِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ وَالْمُسْتَوْدَعُ الْقَبْرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ: حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً [الْفُرْقَانِ: ٧٦] . كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ، أَيْ: كُلٌّ مُثْبَتٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قبل أن خلقها.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، قَبْلَ أن يخلق السموات وَالْأَرْضَ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ.

قَالَ كَعْبٌ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَاقُوتَةً خَضْرَاءَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا بِالْهَيْبَةِ فَصَارَتْ مَاءً يَرْتَعِدُ ثُمَّ خَلَقَ الرِّيحَ، فَجَعَلَ الْمَاءَ عَلَى مَتْنِهَا ثُمَّ وَضَعَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ. قَالَ ضَمْرَةُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَخَلَقَ الْقَلَمَ فَكَتَبَ بِهِ مَا هُوَ خَالِقٌ وَمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ سَبَّحَ اللَّهَ وَمَجَّدَهُ أَلْفَ عَامٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ. لِيَبْلُوَكُمْ، لِيَخْتَبِرَكُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، عمل بِطَاعَةِ اللَّهِ وَأَوْرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَئِنْ قُلْتَ، يَا محمد، إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ، يَعْنُونَ: الْقُرْآنَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: سَاحِرٌ، يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[[سورة هود (١١) : الآيات ٨ الى ١٢]]

وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلَاّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢)


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) زيد في المطبوع.
(٤) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>