للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِأَمْتِعَتِنَا إِلَى أَبِينَا فَإِنَّهُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ حِينَ رَحِمَهُمْ وَبَكَى، وَقَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ. وَقِيلَ: قَالَهُ حِينَ قَرَأَ كِتَابَ أَبِيهِ الذي كتب إِلَيْهِ فَلَمْ يَتَمَالَكِ الْبُكَاءَ، فَقَالَ: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَصَنَعْتُمْ مَا صَنَعْتُمْ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ بما يؤول إِلَيْهِ أَمْرُ يُوسُفَ؟ وَقِيلَ: مُذْنِبُونَ عاصون. وقال الحسن: إذ أنتم شبان وَمَعَكُمْ جَهْلُ الشَّبَابِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وأخيه وما كان منهم [ضرر] [١] إلى أخيه شيء وَهُمْ لَمْ يَسْعَوْا فِي حَبْسِهِ؟ قِيلَ: قَدْ قَالُوا لَهُ فِي الصاع مَا رَأَيْنَا مِنْكُمْ يَا بَنِي رَاحِيلَ خَيْرًا [٢] .

وَقِيلَ: لَمَّا كَانَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ، كَانُوا يُؤْذُونَهُ من بعد فقد يوسف.

[[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٩٠ الى ٩٣]]

قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠) قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (٩١) قالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣)

قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأبو جعفر: أَإِنَّكَ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ يُوسُفُ يَتَكَلَّمُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ، فَلَمَّا قَالَ يُوسُفُ: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ، كَشَفَ عَنْهُمُ الْغِطَاءَ وَرَفَعَ الْحِجَابَ، فَعَرَفُوهُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا قَالَ هذا القول تبسّم فَرَأَوْا ثَنَايَاهُ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ فَشَبَّهُوهُ بيوسف، فقالوا استفهاما أإنّك لَأَنْتَ يُوسُفُ؟

وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى وَضَعَ التَّاجَ عَنْ رَأْسِهِ، وَكَانَ لَهُ فِي قَرْنِهِ عَلَامَةٌ وَكَانَ لِيَعْقُوبَ مِثْلُهَا وَلِإِسْحَاقَ مِثْلُهَا وَلِسَارَةَ مِثْلُهَا شِبْهُ الشامة، فعرفوه فقالوا: أإنك لَأَنْتَ يُوسُفُ، وَقِيلَ: قَالُوهُ عَلَى التَّوَهُّمِ حَتَّى، قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي، بِنْيَامِينُ، قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا أنعم الله عَلَيْنَا بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَنَا، إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ، بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، وَيَصْبِرْ، عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عباس: يتّقي الزّنا ويصبر على الْعُزُوبَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَّقِي الْمَعْصِيَةَ وَيَصْبِرُ عَلَى السِّجْنِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.

قالُوا، مُعْتَذِرِينَ، تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا، أَيِ: اخْتَارَكَ اللَّهُ وَفَضَّلَكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ، أَيْ: [وَمَا كُنَّا فِي صَنِيعِنَا بِكَ إلا] [٣] مخطئين مذنبين. يقال: خطىء خطأ إِذَا تَعَمَّدَ، وَأَخْطَأَ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ.

قالَ يُوسُفُ وَكَانَ حَلِيمًا: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، لا تعيير عليكم وَلَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ بَعْدَ الْيَوْمَ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَلَمَّا عَرَّفَهُمْ يُوسُفُ نَفْسَهُ سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَبِي بَعْدِي؟ قَالُوا: ذهبت عيناه من البكاء فأعطاهم قميصه، ثم قال:


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) العبارة في المخطوط «ما رأينا منكم إلا البلاء يا بني راحيل» أما في ط: «مَا يَزَالُ لَنَا بَلَاءٌ. وَقِيلَ: مَا رَأَيْنَا مِنْكُمْ يَا بَنِي راحيل خيرا» .
(٣) ما بين المعقوفتين في المطبوع «وما صنيعنا بك لا» والمثبت عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>