للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَبِلَالٍ وَسَالِمٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَحَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَالْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، أَيْ: قَضَى عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَعْلَمُ حَلَالًا مِنْ حَرَامٍ فَمِنْ جَهَالَتِهِ رَكِبَ الذَّنْبَ، وَقِيلَ: جَاهِلٌ بِمَا يُورِثُهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ، وَقِيلَ: جَهَالَتُهُ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ آثر المعصية على الطاعة، [و] [١] العاجل الْقَلِيلَ عَلَى الْآجِلِ الْكَثِيرِ، ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ، رَجَعَ عَنْ ذنبه، وَأَصْلَحَ، عمله، وقيل: أَخْلَصَ تَوْبَتَهُ، فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ أنه من عمل فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ بِفَتْحِ الْأَلِفِ فِيهِمَا بَدَلًا مِنَ الرَّحْمَةِ، أَيْ:

كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَمَلِ مِنْكُمْ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّانِيَةَ بَدَلًا عَنِ الْأُولَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) [الْمُؤْمِنُونَ: ٣٥] ، وَفَتَحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا وكسر الثَّانِيَةَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَكَسَرَهُمَا الْآخَرُونَ على الاستئناف.

[[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٥٥ الى ٥٧]]

وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦) قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ (٥٧)

وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ، أَيْ: وَهَكَذَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَكَمَا فَصَّلْنَا لَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ دَلَائِلَنَا وَإِعْلَامَنَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ كَذَلِكَ نَفْصِلُ الْآيَاتِ، أَيْ: نُمَيِّزُ وَنُبَيِّنُ لَكَ حُجَّتَنَا فِي كُلِّ حَقٍّ يُنْكِرُهُ أَهْلُ الْبَاطِلِ، وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ، أَيْ: طَرِيقُ الْمُجْرِمِينَ، وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ «ولتستبين» بالتاء، سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ نُصِبَ عَلَى خِطَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: وَلِتَعْرِفَ يَا مُحَمَّدُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ، يُقَالُ: اسْتَبَنْتُ الشَّيْءَ وَتَبَيَّنْتُهُ إِذَا عَرَفْتُهُ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ «وَلِيَسْتَبِينَ» بِالْيَاءِ، سَبِيلُ بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ وَلِتَسْتَبِينَ بِالتَّاءِ سَبِيلُ رفع، أي: ليظهر وليتّضح [و] [٢] السَّبِيلُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَدَلِيلُ التَّذْكِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى:

وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا [الْأَعْرَافِ: ١٤٦] ، ودليل التأنيث قوله تعالى: وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً [الأعراف: ٨٦] .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ، فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَطَرْدِ الْفُقَرَاءِ، قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ، يَعْنِي: إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكْتُ سَبِيلَ الْحَقِّ وَسَلَكْتُ غَيْرَ طَرِيقِ الْهُدَى.

قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ، أَيْ: عَلَى بَيَانٍ وَبَصِيرَةٍ وَبُرْهَانٍ، مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ، أَيْ: بما جِئْتُ بِهِ، مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ، قِيلَ: أَرَادَ بِهِ اسْتِعْجَالَهُمُ الْعَذَابَ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً [الْأَنْفَالِ: ٣٢] الآية، وقيل: أَرَادَ بِهِ الْقِيَامَةَ، قَالَ اللَّهُ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِها [الشُّورَى: ١٨] ، إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ [قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَعَاصِمٌ يَقُصُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَالصَّادِ مُشَدِّدًا، أَيْ: يَقُولُ الْحَقَّ لِأَنَّهُ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَلِأَنَّهُ قَالَ الْحَقَّ وَلَمْ يقل بالحق]]

،


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>