للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ لَا يَهْمِزَانِ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى وَزْنِ فَيَعْلَ مِثْلَ صَيْقَلٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ مِثْلَ بَعِيرٍ وَصَغِيرٍ، بِما كانُوا يَفْسُقُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: نسمع اللَّهَ يَقُولُ: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ، فَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَ بِالْفِرْقَةِ السَّاكِتَةِ. قَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْتُ لَهُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ألا تراهم قد أنكروا فكرهوا مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَقَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ اللَّهُ أَنْجَيْتُهُمْ لَمْ يَقِلْ أَهْلَكْتُهُمْ فَأَعْجَبَهُ قَوْلِي فَرَضِيَ وَأَمَرَ لِي بِبُرْدَيْنِ فَكَسَانِيهِمَا، وَقَالَ: نجت الفرقة الساكتة. وَقَالَ يَمَانُ بْنُ رَبَابٍ: نَجَتِ الطَّائِفَتَانِ: الَّذِينَ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْمَا وَالَّذِينَ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ، وَأَهْلَكَ اللَّهُ الَّذِينَ أَخَذُوا الْحِيتَانَ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: [نَجَتِ] [١] النَّاهِيَةُ وَهَلَكَتِ الْفِرْقَتَانِ، وَهَذِهِ أَشَدُّ آيَةٍ فِي ترك النهي عن المنكر.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَبَوْا أَنْ يَرْجِعُوا عَنِ الْمَعْصِيَةِ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ، مُبْعَدِينَ فَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ينظر الناس [إليهم] ، ثُمَّ هَلَكُوا.

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ، أَيْ: آذَنَ وَأَعْلَمَ رَبُّكَ، يُقَالُ: تَأَذَّنَ وَآذَنَ مِثْلَ تَوَعَّدَ وَأَوْعَدَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَأَذَّنَ رَبُّكَ قَالَ رَبُّكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَمَرَ رَبُّكَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: حَكَمَ رَبُّكَ. لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، أَيْ: عَلَى الْيَهُودِ، مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ، بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ يُقَاتِلُونَهُمْ حَتَّى يُسَلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

وَقَطَّعْناهُمْ، فرّقناهم فِي الْأَرْضِ أُمَماً، فِرَقًا فَرَّقَهُمُ الله فتشتّت أمرهم فلم تَجْتَمِعْ لَهُمْ كَلِمَةٌ، مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: يُرِيدُ الَّذِينَ أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وَآمَنُوا بِهِ] ، وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ، يَعْنِي الَّذِينَ بَقُوا عَلَى الْكُفْرِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ [٢] : مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ هُمُ الَّذِينَ وَرَاءَ نَهْرِ أَوَدَافٍ [٣] مِنْ وَرَاءِ الصِّينِ [٤] ، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ، يَعْنِي: مَنْ هَاهُنَا مِنَ الْيَهُودِ، وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ، بِالْخِصْبِ وَالْعَافِيَةِ، وَالسَّيِّئاتِ، الْجَدْبِ وَالشِّدَّةِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، لِكَيْ يُرْجِعُوا إِلَى طاعة ربهم ويتوبوا.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٦٩]]

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَاّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦٩)

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ، أَيْ: جَاءَ من بعد هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْنَاهُمْ خَلْفٌ، وَالْخَلْفُ: الْقَرْنُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ قَرْنٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْخَلْفُ بِسُكُونِ اللَّامِ الْأَوْلَادُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَالْخَلْفُ بِفَتْحِ اللَّامِ: الْبَدَلُ سَوَاءٌ كَانَ وَلَدًا أَوْ غَرِيبًا. وقال ابن الأعرابي: الخلف بفتح اللام: الصالح، وبسكون


(١) سقط من المطبوع.
(٢) تصحف في المخطوط «قتادة» . [.....]
(٣) في المخطوط «أوداق» .
(٤) انظر ما تقدم عند رقم: ٩٤٨، ونسبه المصنف هاهنا للكلبي، وهو متروك كذّاب وهذا من وضعه، أو من وضع مقاتل بن سليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>