قالُوا، يَعْنِي خَزَنَةُ جَهَنَّمَ لَهُمْ، أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا، أَنْتُمْ إذا ربكم، أي إِنَّا لَا نَدْعُو لَكُمْ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ، أَيْ يُبْطِلُ وَيُضِلُّ وَلَا يَنْفَعُهُمْ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِالْحُجَّةِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالْعُذْرِ. وَقِيلَ: بِالِانْتِقَامِ مِنَ الْأَعْدَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ فَهُمْ مَنْصُورُونَ بِالْحُجَّةِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَقَدْ نَصَرَهُمُ اللَّهُ بِالْقَهْرِ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِهِمْ وَنَصَرَهُمْ بَعْدَ أَنْ قُتِلُوا بِالِانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، كَمَا نَصَرَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا لَمَّا قُتِلَ قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفًا، فَهُمْ مَنْصُورُونَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُومُ الْحَفَظَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَشْهَدُونَ لِلرُّسُلِ بِالتَّبْلِيغِ وَعَلَى الْكَفَّارِ بِالتَّكْذِيبِ.
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، إِنِ اعْتَذَرُوا عَنْ كُفْرِهِمْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَابُوا لَمْ يَنْفَعْهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ، الْبُعْدُ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ، يَعْنِي جَهَنَّمَ.
[[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٥٣ الى ٥٧]]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَاّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧)
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى، قَالَ مُقَاتِلٌ: الْهُدَى مِنَ الضَّلَالَةِ، يَعْنِي التَّوْرَاةَ، وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ، التَّوْرَاةَ.
هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) .
فَاصْبِرْ، يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَذَاهُمْ، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ، فِي إِظْهَارِ [دِينِكَ] [١] وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِكَ، حَقٌّ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَسَخَتْ آيَةُ الْقِتَالِ آيَةَ الصَّبْرِ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ، هَذَا تَعَبُّدٌ مِنَ اللَّهِ لِيَزِيدَهُ بِهِ دَرَجَةً وَلِيَصِيرَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَهُ، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ، صلي شَاكِرًا لِرَبِّكَ، بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ، قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَاةَ الْفَجْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ.
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ، مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَالصَّدْرُ مَوْضِعُ الْقَلْبِ، فَكَنَّى بِهِ عَنِ الْقَلْبِ لِقُرْبِ الْجِوَارِ، إِلَّا كِبْرٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى تَكْذِيبِكَ إِلَّا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْكِبَرِ وَالْعَظَمَةِ، مَا هُمْ بِبالِغِيهِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا هُمْ بِبَالِغِي مُقْتَضَى ذَلِكَ الْكِبَرِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُذِلُّهُمْ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا تَكَبُّرٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَمَعٌ فِي أَنْ يَغْلِبُوهُ وَمَا هُمْ بِبَالِغِي ذَلِكَ. قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ صَاحِبَنَا الْمَسِيحَ بْنَ دَاوُدَ يَعْنُونَ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَيَبْلُغُ سلطانه الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَيَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَيْنَا،
(١) زيادة عن المخطوط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute