للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحَدٌ مِنَ الْعَدَدِ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ.

وَرُوِيَ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ جُعِلَتْ لَهُ الدُّنْيَا مِثْلَ رَاحَةِ الْيَدِ يَأْخُذُ مِنْهَا صَاحِبُهَا مَا أَحَبَّ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، فَهُوَ يَقْبِضُ أَنْفُسَ الْخَلْقِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَلَهُ أَعْوَانٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةِ الْعَذَابِ، [فملائكة الرحمة للمؤمنين وملائكة العذاب للكافرين] [١] .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ خُطْوَةَ مَلَكِ الْمَوْتِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: جُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مِثْلَ طَسْتٍ يَتَنَاوَلُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ.

وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ عَلَى مِعْرَاجٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَيَنْزِعُ أَعْوَانُهُ رُوحَ الْإِنْسَانِ فَإِذَا بَلَغَ ثَغْرَهُ نَحْرُهُ قَبَضَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ.

وَرَوَى خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: إِنَّ لِمَلَكِ الْمَوْتِ حَرْبَةً تَبْلُغُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَهُوَ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَ النَّاسِ فَمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ إِلَّا وَمَلَكُ الْمَوْتِ يَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَإِذَا رَأَى إِنْسَانًا قَدِ انْقَضَى أَجَلُهُ ضَرَبَ رَأَسَهُ بِتِلْكَ الْحَرْبَةِ، وَقَالَ الْآنَ تنزل بك سكرات الموت. قَوْلُهُ: ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ، أَيْ تَصِيرُونَ إِلَيْهِ أَحْيَاءً فَيَجْزِيكُمْ بأعمالكم.

[[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٢ الى ١٤]]

وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)

وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ، الْمُشْرِكُونَ، ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ، مطأطئوا رؤوسهم، عِنْدَ رَبِّهِمْ، حياء منه وَنَدَمًا، رَبَّنا، أَيْ يَقُولُونَ رَبَّنَا، أَبْصَرْنا، مَا كُنَّا بِهِ مُكَذِّبِينَ، وَسَمِعْنا، مِنْكَ تَصْدِيقَ مَا أَتَتْنَا بِهِ رُسُلُكَ. وَقِيلَ: أَبْصَرْنَا مَعَاصِيَنَا وسمعنا ما قيل منا، فَارْجِعْنا، فَأَرْدُدْنَا إِلَى الدُّنْيَا، نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ، وَجَوَابُ لَوْ مُضْمَرٌ مَجَازُهُ لَرَأَيْتَ الْعَجَبَ.

وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها، رُشْدَهَا وَتَوْفِيقَهَا لِلْإِيمَانِ، وَلكِنْ حَقَّ، وَجَبَ، الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ قوله للإبليس: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ يُقَالُ لِأَهْلِ النَّارِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِذَا دَخَلُوا النَّارَ قَالَتْ لَهُمُ الْخَزَنَةُ:

فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا، أَيْ تَرَكْتُمُ الْإِيمَانَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، إِنَّا نَسِيناكُمْ، تَرَكْنَاكُمْ، وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، مِنَ الْكُفْرِ والتكذيب. قوله عزّ وجلّ:

[[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٥ الى ١٦]]

إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)

إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها، وُعِظُوا بِهَا، خَرُّوا سُجَّداً، سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ سَاجِدِينَ، وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، قِيلَ: صَلُّوا بِأَمْرِ رَبِّهِمْ، وَقِيلَ: قَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ، عن الإيمان والسجود له.


(١) زيد في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>