للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٢]]

وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢)

وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

، يَعْنِي: بِمَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَتَثْمِيرُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ التِّجَارَةُ فِيهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ أَنْ يَبْتَغِيَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ رِبْحِهِ شَيْئًا، حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ

، قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ: الْأَشُدُّ: الْحُلُمُ، حَتَّى يُكْتَبَ لَهُ الْحَسَنَاتُ وَتُكْتَبَ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: حَتَّى يَعْقِلَ وَتَجْتَمِعَ قُوَّتُهُ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْأَشُدُّ ما بين الثمانية [١] عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: إِلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقِيلَ:

إِلَى سِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عِشْرُونَ سَنَةً. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ثَلَاثُونَ سَنَةً. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأَشُدُّ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَالْأَشُدُّ جَمْعُ شَدٍّ، مِثْلَ قَدٍّ وَأَقُدٍّ، وَهُوَ اسْتِحْكَامُ قُوَّةِ شَبَابِهِ وَسِنِّهِ، وَمِنْهُ شَدُّ النَّهَارِ وَهُوَ ارْتِفَاعُهُ، وَقِيلَ: بُلُوغُ الْأَشُدِّ أَنْ يُؤْنَسَ رُشْدُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ عَلَى الْأَبَدِ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ، فَادْفَعُوا إِلَيْهِ مَالَهُ إِنْ كَانَ رَشِيدًا، وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ

، بِالْعَدْلِ، لَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها

، أَيْ: طَاقَتَهَا فِي إيفاء الكيل والميزان، لَمْ يُكَلِّفِ الْمُعْطِيَ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُكَلِّفْ صَاحِبَ الْحَقِّ الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ حَتَّى لَا تَضِيقَ نَفْسُهُ عَنْهُ، بَلْ أَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَسَعُهُ مِمَّا لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا

، فَاصْدُقُوا فِي الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ، وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى

، وَلَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ذَا قُرَابَةٍ، وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

، تَتَّعِظُونَ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ تَذَكَّرُونَ خَفِيفَةَ الذَّالِ، كُلَّ الْقُرْآنِ، وَالْآخَرُونَ بِتَشْدِيدِهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الْآيَاتُ مُحَكَمَاتٌ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ، لَمْ يَنْسَخْهُنَّ شَيْءٌ وَهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى بَنِي آدَمَ كُلِّهِمْ، وَهُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ مَنْ عَمِلَ بِهِنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ دَخَلَ النَّارَ.

[[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٥٣ الى ١٥٤]]

وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)

وَأَنَّ هَذَا، أَيْ: هَذَا الَّذِي وَصَّيْتُكُمْ [٢] بِهِ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، صِراطِي، طَرِيقِي وَدِينِي، مُسْتَقِيماً، مُسْتَوِيًا قَوِيمًا، فَاتَّبِعُوهُ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: «وَإِنَّ» بِكَسْرِ الْأَلْفِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْمَعْنَى وَأَتْلُ عَلَيْكُمْ أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ بِسُكُونِ النُّونِ. وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، أَيْ: الطُّرُقَ الْمُخْتَلِفَةَ الَّتِي عَدَا هَذَا الطَّرِيقِ، مِثْلَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَسَائِرِ الْمِلَلِ، وَقِيلَ: الْأَهْوَاءُ وَالْبِدَعُ، فَتَفَرَّقَ، فَتَمِيلَ، بِكُمْ، وَتَشَتَّتَ، عَنْ سَبِيلِهِ، عَنْ طَرِيقِهِ وَدِينِهِ الَّذِي ارْتَضَى، وَبِهِ أَوْصَى، ذلِكُمْ، الَّذِي ذَكَرْتُ [٣] ، وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.


(١) كذا في المطبوع وط، وفي ب «ثمانية» وفي أ «ثماني» .
(٢) في المطبوع «أوصاكم» .
(٣) في المطبوع وحده «ذكرنا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>