للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَلُمُّوا إِلَيْنَا، فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبِيٍّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يَعُوقُونَهُمْ وَيُخَوِّفُونَهُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَالُوا: لَئِنْ قَدَرُوا عَلَيْكُمْ لَمْ يَسْتَبْقُوا مِنْكُمْ أَحَدًا مَا تَرْجُونَ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ مَا عِنْدَهُ خَيْرٌ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَنَا هَاهُنَا، انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا يَعْنِي الْيَهُودَ، فَلَمْ يَزْدَدِ الْمُؤْمِنُونَ بِقَوْلِ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ

، الْحَرْبَ، إِلَّا قَلِيلًا، رِيَاءً وَسُمْعَةً مِنْ غَيْرِ احْتِسَابٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَلِيلُ لِلَّهِ لكان كثيرا.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٩ الى ٢٠]]

أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَاّ قَلِيلاً (٢٠)

أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ، بُخَلَاءَ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [وَالنُّصْرَةِ] [١] ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بُخَلَاءٌ عِنْدَ الْغَنِيمَةِ وَصْفَهُمُ اللَّهُ بِالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، فَقَالَ: فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ، في الرؤوس مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُبْنِ، كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، أَيْ كَدَوَرَانِ [٢] الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَرُبَ مِنَ الموت وغشيه أَسْبَابُهُ يَذْهَبُ عَقْلُهُ وَيَشْخَصُ بَصَرُهُ، فَلَا يَطْرِفُ، فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ، آذَوْكُمْ وَرَمَوْكُمْ فِي حَالِ الْأَمْنِ، بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ، ذَرِبَةٍ، جَمْعُ حَدِيدٍ، يُقَالُ لِلْخَطِيبِ الْفَصِيحِ: الذَّرِبِ اللِّسَانِ مِسْلَقٌ وَمِصْلَقٌ وَسَلَّاقٌ وَصَلَّاقٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَلَقُوكُمْ أَيْ عضدوكم وتناولوكم بالنقص والعيبة [٣] . وَقَالَ قَتَادَةُ: بَسَطُوا أَلْسِنَتَهُمْ فِيكُمْ وَقْتَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، يَقُولُونَ: أَعْطُونَا فَإِنَّا قَدْ شَهِدْنَا مَعَكُمُ الْقِتَالَ، فَلَسْتُمْ أَحَقَّ بِالْغَنِيمَةِ مِنَّا، فَهُمْ عِنْدَ الْغَنِيمَةِ أَشَحُّ قَوْمٍ وَعِنْدَ الْبَأْسِ أَجْبَنُ قَوْمٍ، أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ، أَيْ عِنْدَ الْغَنِيمَةِ يُشَاحُّونَ الْمُؤْمِنِينَ، أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ، قَالَ مُقَاتِلٌ: أَبْطَلَ اللَّهُ جِهَادَهُمْ، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.

يَحْسَبُونَ، يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، الْأَحْزابَ، يعني قريشا وغطفان [و] اليهود، لَمْ يَذْهَبُوا، لَمْ يَنْصَرِفُوا عَنْ قِتَالِهِمْ جُبْنًا وَفَرَقًا وَقَدِ انْصَرَفُوا، وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ، أَيْ يَرْجِعُوا إليهم لِلْقِتَالِ بَعْدَ الذَّهَابِ، يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ، أَيْ يَتَمَنَّوْا لَوْ كَانُوا فِي بَادِيَةِ مع الْأَعْرَابِ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُبْنِ، يُقَالُ: بَدَا يَبْدُو بَدَاوَةً إِذَا خَرَجَ إلى البادية. يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ، أَخْبَارِكُمْ وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمَرُكُمْ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: يَسَّاءَلُونَ مُشَدَّدَةً مَمْدُودَةً أَيْ يَتَسَاءَلُونَ، وَلَوْ كانُوا، يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، فِيكُمْ مَا قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا، تَعْذِيرًا، أَيْ يُقَاتِلُونَ قَلِيلًا يُقِيمُونَ بِهِ عُذْرَهُمْ، فَيَقُولُونَ قَدْ قَاتَلْنَا. قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِلَّا قَلِيلًا أَيْ رَمْيًا بِالْحِجَارَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً مِنْ غَيْرِ احْتِسَابٍ. قَوْلُهُ عزّ وجلّ:

[[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٢١ الى ٢٣]]

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَاّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣)


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «عين» .
(٣) في المطبوع «الغيبة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>