للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً يَعْنِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ، وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً [يَحْيَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَمْ يُولَدْ لَهُمَا، وَهَذَا عَلَى وَجْهِ التَّمْثِيلِ] ، وَالْآيَةُ عَامَّةٌ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ. إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُكَلِّمُ اللَّهَ وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا كَمَا كَلَّمَهُ مُوسَى وَنَظَرَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ: لَمْ يَنْظُرْ مُوسَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً يُوحِي إِلَيْهِ فِي الْمَنَامِ أَوْ بِالْإِلْهَامِ، أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ، يُسْمِعُهُ كَلَامَهُ وَلَا يَرَاهُ كَمَا كَلَّمَهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا، إِمَّا جِبْرِيلَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُ، أَيْ يُوحِيَ ذَلِكَ الرَّسُولُ إِلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ بِإِذْنِ اللَّهِ مَا يَشَاءُ، قَرَأَ نَافِعٌ: أَوْ يُرْسِلَ بِرَفْعِ اللَّامِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، فَيُوحِيَ سَاكِنَةَ الْيَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِنَصْبِ اللَّامِ وَالْيَاءِ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ الْوَحْيِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُوحِيَ إِلَيْهِ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا. إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ.

وَكَذلِكَ، أَيْ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى سَائِرِ رُسُلِنَا، أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نُبُوَّةً.

وَقَالَ الْحَسَنُ: رَحْمَةً. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ: وَحْيًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كِتَابًا، وَقَالَ الرَّبِيعُ: جِبْرِيلَ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: يَعْنِي الْقُرْآنَ. مَا كُنْتَ تَدْرِي، قَبْلَ الْوَحْيِ، مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ، يَعْنِي شَرَائِعَ الْإِيمَانِ وَمَعَالِمَهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ: الْإِيمَانُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الصَّلَاةُ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ [الْبَقَرَةِ: ١٤٣] وَأَهْلُ الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَانُوا مُؤْمِنِينَ قَبْلَ الْوَحْيِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْبُدُ اللَّهَ قَبْلَ الْوَحْيِ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَرَائِعُ دِينِهِ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْإِيمَانَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي الْقُرْآنَ. نَهْدِي بِهِ، نُرْشِدُ بِهِ، مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي، أَيْ لَتَدْعُو، إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يَعْنِي الْإِسْلَامَ.

صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣) ، أَيْ أُمُورُ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا فِي الْآخِرَةِ.

سُورَةُ الزُّخْرُفِ

مكية وهي تسع وثمانون آية

[[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١ الى ٥]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤)

أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>