للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: يغذي ويعلل.

انْظُرْ، يَا مُحَمَّدُ، كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ، الأشباه، فقالوا شَاعِرٌ وَسَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ، فَضَلُّوا، فَحَارُوا وَحَادُوا، فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا أَيْ: وُصُولًا إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ.

وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً بعد الموت، قَالَ مُجَاهِدٌ: تُرَابًا. وَقِيلَ: حُطَامًا. والرفات: كل ما يكسر ويبلى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَالْفُتَاتِ وَالْحُطَامِ.

أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً.

قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً، فِي الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا بِأَمْرِ إِلْزَامٍ بَلْ هُوَ أَمْرُ تَعْجِيزٍ، أَيِ: اسْتَشْعِرُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنَّكُمْ حِجَارَةٌ أَوْ حَدِيدٌ فِي الْقُوَّةِ.

أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ، قِيلَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّهُ الْمَوْتُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِ ابْنِ آدَمَ شَيْءٌ أَكْبَرُ مِنَ الْمَوْتِ، أَيْ: ولو كُنْتُمُ الْمَوْتَ بِعَيْنِهِ لَأُمِيتَنَّكُمْ وَلَأَبْعَثَنَّكُمْ، فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا، مَنْ يَبْعَثُنَا بَعْدَ الْمَوْتِ، قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ، خَلَقَكُمْ، أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِنْشَاءِ قَدَرَ عَلَى الْإِعَادَةِ، فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ، أَيْ: يُحَرِّكُونَهَا إِذَا قُلْتَ لَهُمْ ذَلِكَ مُسْتَهْزِئِينَ بِهَا، وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ، أَيِ: الْبَعْثُ وَالْقِيَامَةُ، قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً، أَيْ: هُوَ قَرِيبٌ، لِأَنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً [الأحزاب: ٦٣] .

[[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٢ الى ٥٥]]

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً (٥٢) وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥)

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِأَمْرِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بِطَاعَتِهِ. وَقِيلَ: مُقِرِّينَ بِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَبَاعِثُهُمْ وَيَحْمَدُونَهُ حِينَ [١] لَا يَنْفَعُهُمُ الْحَمْدُ. وَقِيلَ: هَذَا خِطَابٌ مَعَ المؤمنين فإنهم يبعثون حامدين [له] [٢] وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ، فِي الدُّنْيَا أو في الْقُبُورِ، إِلَّا قَلِيلًا، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لو مكث أوفا من السنين في الدنيا أو في القبور عَدَّ ذَلِكَ قَلِيلًا فِي مُدَّةِ الْقِيَامَةِ وَالْخُلُودِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَسْتَحْقِرُونَ مُدَّةَ الدُّنْيَا فِي جَنْبِ الْقِيَامَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا لِلْكَافِرِينَ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَلَا يُكَافِئُوهُمْ بِسَفَهِهِمْ. قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ لَهُ يَهْدِيكَ اللَّهُ.

وَكَانَ هَذَا قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الْجِهَادِ وَالْقِتَالِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [٣] شَتَمَهُ بَعْضُ الْكُفَّارِ فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِالْعَفْوِ.

وَقِيلَ: أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَقُولُوا وَيَفْعَلُوا الَّتِي هِيَ أحسن أي: الخصلة [٤] الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَقِيلَ:

الْأَحْسَنُ: كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ، أَيْ: يُفْسِدُ وَيُلْقِي الْعَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ،


(١) تصحف في المطبوع «حتى» . [.....]
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع وط «الخلة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>