للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ، أَيْ وَمَا كَانَ يَأْتِيهِمْ، مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ، كَاسْتِهْزَاءِ قَوْمِكَ بِكَ، يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً، أَيْ أَقْوَى مِنْ قَوْمِكَ يَعْنِي الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ، وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ، أَيْ صِفَتُهُمْ وَسُنَّتُهُمْ وَعُقُوبَتُهُمْ، فَعَاقِبَةُ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ فِي الْإِهْلَاكِ.

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ، أَيْ سَأَلْتَ قَوْمَكَ، مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ، وأقروا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهَا، وَأَقَرُّوا بِعِزِّهِ وَعِلْمِهِ ثُمَّ عَبَدُوا غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا قُدْرَتَهُ عَلَى الْبَعْثِ لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ. إِلَى هَاهُنَا تَمَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ ثُمَّ ابْتَدَأَ دَالًّا عَلَى نَفْسِهِ بِصُنْعِهِ فَقَالَ:

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) . إِلَى مَقَاصِدِكُمْ فِي أَسْفَارِكُمْ.

وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ، أَيْ بِقَدْرِ حَاجَتِكُمْ إِلَيْهِ لَا كَمَا أَنْزَلَ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ بِغَيْرِ قَدْرٍ حتى أهلكهم. فَأَنْشَرْنا، أحيينا، بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ، أَيْ كَمَا أَحْيَيْنَا هَذِهِ الْبَلْدَةَ الْمَيْتَةَ بِالْمَطَرِ كَذَلِكَ، تُخْرَجُونَ، مِنْ قُبُورِكُمْ أحياء.

وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها، أَيِ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا. وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ مَا تَرْكَبُونَ، فِي الْبَرِّ والبحر.

[[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١٣ الى ١٨]]

لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤) وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧)

أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)

لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ، ذَكَرَ الْكِنَايَةِ لِأَنَّهُ رَدَّهَا إِلَى (مَا) . ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ، بِتَسْخِيرِ الْمَرَاكِبِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا، ذلك لَنَا هَذَا، وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، مُطِيقِينَ، وَقِيلَ: ضَابِطِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>