للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: أَقْنَى أَرْضَى بِمَا أَعْطَى وَقَنَعَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَغْنَى أَكْثَرَ وَأَقْنَى أَقَلَّ، وَقَرَأَ: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ [الرعد: ٢٦، الإسراء: ٣٠، سبأ: ٣٦، الزمر: ٥٢، الشورى: ١٢] ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: أَقْنَى أَفْقَرَ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: أَوْلَدَ.

وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩) ، وَهُوَ كَوْكَبٌ خَلْفَ الْجَوْزَاءِ وَهُمَا شِعْرِيَّانِ، يُقَالُ لِإِحْدَاهُمَا الْعَبُورُ وَلِلْأُخْرَى الْغُمَيْصَاءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا أَخْفَى مِنَ الْأُخْرَى، وَالْمَجَرَّةُ بَيْنَهُمَا. وَأَرَادَ هَاهُنَا الشِّعْرَى الْعَبُورُ وَكَانَتْ خُزَاعَةُ تَعْبُدُهَا، وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ يُقَالُ لَهُ أَبُو كَبْشَةَ عَبَدَهَا، وَقَالَ: لِأَنَّ النُّجُومَ تَقْطَعُ السماء عرضا، والشعرى [تقطها] [١] طُولًا فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لَهَا، فَعَبَدَتْهَا خُزَاعَةُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِلَافِ الْعَرَبِ فِي الدِّينِ سَمَّوْهُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ لِخِلَافِهِ إِيَّاهُمْ كَخِلَافِ أَبِي كَبْشَةِ فِي عِبَادَةِ الشِّعْرَى.

وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولى (٥٠) ، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ بِلَامٍ مُشَدَّدَةٍ بَعْدَ الدَّالِّ، وَيَهْمِزُ وَاوَهُ قَالُونُ عَنْ نَافِعٍ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَتَقُولُ: قُمْ لَانَ عَنَّا، تريد: قم الآن عنا، ويكون الوقف عندهم عَادًا، وَالِابْتِدَاءُ «أولى» ، بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا لَامٌ مَضْمُومَةٌ، وَيَجُوزُ الِابْتِدَاءُ: لُولَى، بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وقرأ الآخرون: عاداً الْأُولى، وهو قَوْمُ هُودٍ أُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ وكان لَهُمْ عَقِبٌ فَكَانُوا عَادًا الْأُخْرَى.

وَثَمُودَ، وهم قَوْمُ صَالِحٍ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْحَةِ، فَما أَبْقى، مِنْهُمْ أَحَدًا.

وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ، أَيْ أَهْلَكَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلِ عَادٍ وَثَمُودَ، إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى، لِطُولِ دَعْوَةِ نُوحٍ إِيَّاهُمْ وَعُتُوِّهُمْ عَلَى اللَّهِ بِالْمَعْصِيَةِ وَالتَّكْذِيبِ.

وَالْمُؤْتَفِكَةَ، يعني قرى قرم لُوطٍ، أَهْوى، أَسْقَطَ أَيْ أَهْوَاهَا جبريل بعد ما رَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ.

فَغَشَّاها، أَلْبَسَهَا اللَّهُ، مَا غَشَّى، يَعْنِي الْحِجَارَةَ الْمَنْضُودَةَ الْمُسَوَّمَةَ.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ، نِعَمِ رَبِّكَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةَ، تَتَمارى، تَشُكُّ وَتُجَادِلُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكْذِبُ.

هَذَا نَذِيرٌ، يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ النُّذُرِ الْأُولى، أَيْ رَسُولٌ مِنَ الرسل أرسل إِلَيْكُمْ كَمَا أُرْسِلُوا إِلَى أَقْوَامِهِمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ يَقُولُ أَنْذَرَ مُحَمَّدٌ كَمَا أَنْذَرَ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ.

[[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٥٧ الى ٦٢]]

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١)

فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) ، دَنَتِ الْقِيَامَةُ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ.

لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨) ، أي مظهرة مبينة [٢] كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [الْأَعْرَافِ: ١٨٧] ، وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ نَفْسٌ كَاشِفَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَاشِفَةُ مَصْدَرًا كَالْخَافِيَةِ [٣] وَالْعَافِيَةِ، وَالْمَعْنَى: لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفٌ، أَيْ لَا يَكْشِفُ عَنْهَا وَلَا يُظْهِرُهَا غَيْرُهُ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهَا رَادٌّ [٤] يَعْنِي إِذَا غَشِيَتِ الخلق أهوالها وشدائدها لم يشكفها ولم يردها عنهم أحد،


(١) زيادة عن ط والمخطوط.
(٢) في المطبوع «مقيمة» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «كالخيالة» والمثبت عن المخطوط وط.
(٤) تصحف في المخطوط إلى «دار» .

<<  <  ج: ص:  >  >>