للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَمْكُثُ السَّرَايَا يَتَعَلَّمُونَ مَا نَزَلَ بعدهم وتبث سَرَايَا أُخَرُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ، وَلِيُعْلِمُوهُمْ بِالْقُرْآنِ وَيُخَوِّفُوهُمْ بِهِ، إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ، أن يجهلوا فلا يَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: هَذَا التَّفَقُّهُ وَالْإِنْذَارُ رَاجِعٌ إِلَى الْفِرْقَةِ النَّافِرَةِ، وَمَعْنَاهُ: هَلَّا نَفَرَ فِرْقَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا، أَيْ:

لِيَتَبَصَّرُوا بِمَا يُرِيهِمُ اللَّهُ مِنَ الظُّهُورِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَنُصْرَةِ الدِّينِ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ مِنَ الجهاد فيخبروهم بنصر الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ أَنْ يُعَادُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَنْزِلُ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِأَصْحَابِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَهَا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ أَحْيَاءً مِنْ بني أسد وخزيمة أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ شَدِيدَةٌ فَأَقْبَلُوا بِالذَّرَارِيِّ حَتَّى نَزَلُوا الْمَدِينَةَ فَأَفْسَدُوا طُرُقَهَا بِالْعَذِرَاتِ وَأَغْلَوْا أَسْعَارَهَا، فَنَزَلَ قَوْلُهُ: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ، أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا كَافَّةً وَلَكِنْ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ خَرَجُوا فِي الْبَوَادِي ابْتِغَاءَ الْخَيْرِ مِنْ أَهْلِهَا فَأَصَابُوا مِنْهُمْ مَعْرُوفًا وَدَعَوْا مَنْ وَجَدُوا مِنَ النَّاسِ إِلَى الْهُدَى، فَقَالَ النَّاسُ لَهُمْ: مَا نَرَاكُمْ إِلَّا وَقَدْ تَرَكْتُمْ صَاحِبَكُمْ وَجِئْتُمُونَا، فَوَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ حَرَجًا، وَأَقْبَلُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْبَادِيَةِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.

أَيْ: هَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدين وليستمعوا ما أنزل [الله] [١] بَعْدَهُمْ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ، يَعْنِي: النَّاسَ كُلَّهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ بَأْسَ اللَّهِ وَنِقْمَتَهُ، وَقَعَدَتْ طَائِفَةٌ يَبْتَغُونَ الْخَيْرَ.

«١١٤٠» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَيْسَفُونِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِهِينِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» .

«١١٤١» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ


١١٤٠- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، وللحديث شواهد وطرق.
وهو في «شرح السنة» ١٣٢ بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي ٢٦٤٥ من طريق علي بن حجر به.
وأخرجه أحمد (١/ ٣٠٦) (٢٧٨٦) والدارمي (١/ ٢٩٧) من طريقين عن إسماعيل بن جعفر به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وورد من حديث معاوية بن أبي سفيان أخرجه البخاري ٧١ و٣١١٦ و٧٣١٢ ومسلم ١٠٣٧ ح ٩٨ وابن ماجه ٢٢١ ومالك (٢/ ٩٠٠ و٩٠١) وأحمد (٤/ ٧٣ و٧٤ و٩٢ و٩٣ و٩٥ و٩٦ و٩٧ و٩٨ و٩٩ و١٠٤) والدارمي (١/ ٧٣ و٧٤) وابن حبان ٨٩ والطحاوي في «المشكل» ١٦٨٣ والطبراني ٧٢٩ و٧٨٢ و٧٨٧ و٨١٥ و٩١١ و٩٢٩ والقضاعي ٣٤٦ و٩٥٤ وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١/ ١٨ و١٩) . [.....]
١١٤١- صحيح، الشافعي ثقة إمام ومن دونه ثقات، وقد توبعوا، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم سفيان هو ابن عيينة، أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان، الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.
وهو في «شرح السنة» ١٣٣ بهذا الإسناد، وفي «مسند الشافعي» (١/ ١٦) عن سفيان به.
(١) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>