للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَيْ: كَمَا بَعَثْنَا فِيكُمْ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ، وهو مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ، أَيْ: هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى دِينِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ أَيْ: وَجَبَتْ [عليه الضلالة] [١] بِالْقَضَاءِ السَّابِقِ حَتَّى مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ، أَيْ: مَآلُ أَمْرِهِمْ وَهُوَ خَرَابُ مَنَازِلِهِمْ بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ.

إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ، يَا مُحَمَّدُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ، قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ «يَهْدِي» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ أَيْ: لَا يَهْدِي اللَّهُ مَنْ أَضَلَّهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَهْتَدِي [٢] مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ يَعْنِي مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ كَمَا قَالَ: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ [الْأَعْرَافِ:

١٨٦] ، وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ أَيْ: مَانِعِينَ مِنَ الْعَذَابِ.

قوله: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، وَهُمْ مُنْكِرُو الْبَعْثِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.

لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ أَيْ: لِيُظْهِرَ لَهُمُ الْحَقَّ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ، فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ.

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَبْعَثَ الْمَوْتَى فَلَا تَعَبَ عَلَيْنَا فِي إِحْيَائِهِمْ وَلَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يَحْدُثُ إِنَّمَا نَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ.

«١٢٥٨» أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ أَنَا أَبُو [بَكْرٍ] [٣] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي عَبْدِي [٤] وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي عبدي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأَنَا، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ اتَّخَذَ اللَّهُ ولدا، وأنا الصمد لم ألذ ولم أولذ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا، عُذِّبُوا وَأُوذُوا فِي اللَّهِ.

نَزَلَتْ فِي بِلَالٍ وَصُهَيْبٍ وَخَبَّابٍ وَعَمَّارٍ وعابس وجبير وَأَبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ [٥] أَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ فَعَذَّبُوهُمْ [٦] . وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وأخرجوهم من ديارهم حتى


١٢٥٨- تقدم في تفسير سورة البقرة عند آية: ١١٦.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «يهدي» .
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في المطبوع «ابن آدم» .
(٥) في المطبوع «سهل» .
(٦) في المخطوط «يعذبونهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>