للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«١٣٠٩» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنَا ثَلَاثَ خِصَالٍ، قَالَ: «وَمَا هُنَّ؟» قَالُوا: أَنْ لَا ننحني فِي الصَّلَاةِ وَلَا نَكْسِرُ أَصْنَامَنَا بأيدينا وأن تمتعنا باللات [والعزى] [١] سَنَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ نَعْبُدَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ وَلَا سُجُودَ، وأما أن [لا] [٢] تَكْسِرُوا أَصْنَامَكُمْ بِأَيْدِيكُمْ فَذَاكَ لَكُمْ، وَأَمَّا الطَّاغِيَةُ يَعْنِي اللَّاتَ وَالْعُزَّى فَإِنِّي غَيْرُ مُمَتِّعِكُمْ بِهَا» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ غَيْرَنَا، فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ تَقُولَ الْعَرَبُ أَعْطَيْتَهُمْ مَا لَمْ تُعْطِنَا، فَقُلْ: اللَّهُ أَمَرَنِي بِذَلِكَ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَمَعَ الْقَوْمُ فِي سُكُوتِهِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ لَيَصْرِفُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ، لِتَخْتَلِقَ، عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً، لَوْ فَعَلْتَ مَا دَعَوْكَ إِلَيْهِ لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا أَيْ: وَالَوْكَ وَصَافَوْكَ.

وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ، عَلَى الْحَقِّ بِعِصْمَتِنَا، لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ أَيْ: تَمِيلُ، إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا أَيْ: قَرِيبًا مِنَ الْفِعْلِ، فَإِنْ قِيلَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومًا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقْرُبَ مِمَّا طَلَبُوهُ وَمَا طَلَبُوهُ كُفْرٌ؟

قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ خَاطِرَ قَلْبٍ ولم يكن عزما وقد عفا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ.

«١٣١٠» قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: «اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» . وَالْجَوَابُ الصحيح وهو: أن الله تعالى قال: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا (٧٤) وَقَدْ ثَبَّتَهُ الله فلم يركن [إليهم] [٣] وهذا مثل قوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا [النِّسَاءِ: ٨٣] . [وَقَدْ تَفَضَّلَ فَلَمْ يَتَّبِعُوا] [٤] .

إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ، أَيْ: لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ عَذَابِ الْحَيَاةِ وَضَعْفَ عَذَابِ الْمَمَاتِ، يَعْنِي أَضْعَفْنَا لَكَ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقِيلَ: الضِّعْفُ هُوَ الْعَذَابُ سُمِّيَ ضِعْفًا لِتَضَاعُفِ الْأَلَمِ فِيهِ. ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً، أَيْ: نَاصِرًا يَمْنَعُكَ مِنْ عَذَابِنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها، اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ.

«١٣١١» قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَرِهَ الْيَهُودُ مُقَامَهُ بِالْمَدِينَةِ حسدا منهم، فأتوه وقالوا:


١٣٠٩- أخرجه الطبري ٢٢٥٤٠ عن ابن عباس مختصرا بإسناد فيه مجاهيل، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٥٨١ بدون إسناد، فالخبر واه جدا بهذا اللفظ، ولفظ «لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا ركوع فيه» ورد من وجه آخر، ولعله تقدم.
١٣١٠- مرسل. أخرجه الطبري ٢٢٥٤١ عن قتادة مرسلا، والمرسل من قسم الضعيف.
١٣١١- خبر منكر شبه موضوع، والكلبي متروك متهم ليس بأهل لأن يروى عنه.
- وأخرجه البيهقي في «الدلائل» ٥/ ٢٥٤- ٢٥٥ وابن أبي حاتم وابن عساكر كما في «الدر» ٤/ ٤٥٢ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ بنحوه، وهذا مرسل، وإسناده ضعيف لضعف أحمد بن عبد الجبار.
- وقال ابن حجر في «تخريج الكشاف» ٢/ ٦٨٦: لم أجده، وذكره السهيلي في «الروض» عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عبد الرحمن بن غنم....» فذكره اهـ.
- قلت: الخبر منكر شبه موضوع، فالسورة مكية، والخبر مدني، وبعيد أن يصغي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لليهود، راجع «تفسير القرطبي» ٦٤٤٨. [.....]
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيد في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>