عزاه المصنف لابن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ. - وورد مرفوعا من وجوه متعددة منها حديث ابن عمر أخرجه الطبري ١٦٩١ وابن الجوزي في «الموضوعات» (١/ ٨٦) والذهبي في «الميزان» (٣٥٦٧) من طريق سنيد بن داود عن فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا، وهذا إسناد ساقط. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، وأما سنيد، فقد ضعفه أبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة اهـ. وقد استغربه ابن كثير في «تفسيره» (١/ ١٤٣) جدا. - وورد من وجه آخر أخرجه أحمد ٢/ ١٣٤ والبزاز (٢٩٣٨) «كشف» وابن حبان ٦١٨٦ والبيهقي ١/ ٤- ٥ كلهم من طريق يحيى بن أبي بكير عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا بنحوه وأتم، وهذا إسناد ساقط، زهير بن محمد مختلف فيه، وقد ضعفه غير واحد، واتفقوا على أنه روى مناكير، والظاهر أن هذا منها، فقد خالفه موسى بن عقبة، وهو أوثق منه وأحفظ، فجعله عن ابن عمر عن كعب الأحبار. كذا أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (٩٧) وعنه الطبري ١٦٨٧ كلاهما عن الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، وهذا إسناد كالشمس، لا غبار عليه البتة. وكرره الطبريّ ١٦٨٨ عن عبد العزيز بن مختار، عن موسى به، وقد قدح في رفع الحديث البزار والبيهقي وغيرهما. قال البزار عقب الحديث: رواه بعضهم عن نافع، عن ابن عمر موقوفا، وإنما أتى رفع هذا عندي من زهير لأن لم يكن بالحافظ. وكذا ذكر البيهقي، وهو الذي اختاره ابن كثير في «تفسيره» (١/ ١٤٣) والعجب أن البيهقي أخرجه في «الشعب» (١٦٣) عن موسى بن جبير، عن موسى بن عقبة به مرفوعا، لكن فيه محمد بن يونس الكديمي، وهو متروك كذاب، والحمل عليه في هذا الحديث. ثم كرره البيهقي ١٦٤ عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، وصوّبه. - وورد حديث ابن عمر من وجه آخر. أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» (١/ ١٤٣) وإسناده ساقط فيه موسى بن سرجس، وهو مجهول، وفيه هشام بن علي بن هشام، وثقه ابن حبان وحده على قاعدته في توثيق المجاهيل، وسعيد بن سلمة، وإن روى له مسلم فقد ضعفه النسائي، وجهله ابن معين. - ولحديث ابن عمر شاهد من حديث علي أخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» (١/ ١٨٥- ١٨٦) وقال: موضوع والمتهم به مغيث. قال الأزدي خبيث كذاب. - وبهذا الإسناد أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» (١/ ١٤٣) وكرره ابن مردويه من وجه آخر، وفيه جابر الجعفي، وهو متروك، وقد كذبه أبو حنيفة رحمه الله. قال الحافظ ابن كثير: لا يصح، وهو منكر جدا. - وقد جاء موقوفا ومقطوعا، فقد أخرجه الطبري ١٦٨٤ عن ابن عباس، وفيه أبو شعبة العدوي، وهو مجهول، وكرره الطبري ١٦٨٥ عن ابن مسعود وابن عباس، وفيه علي بن زيد ضعيف روى مناكير. - وكرره برقم ١٦٨٦ عن علي، وقد استغربه ابن كثير ١/ ١٤٣ جدا، وأعله ابن حزم في «الملل» بعمير بن سعيد واتهمه بهذا الحديث، وأنه كذب. - وكرره الطبري ١٦٨٧ عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، بإسناد كالشمس وقد تقدم. وكرره ١٦٨٩ عن السدي قوله و١٦٩٠ عن الربيع قوله و١٦٩٢ عن مجاهد قوله، وهو الراجح. فهو باطل مرفوعا، وإنما هو عن كعب الأحبار، وعنه أخذه مجاهد وغيره، ولا أصل له في المرفوع، ولهذا لم يروه البغوي مرفوعا، وقد قدح بصحته ابن العربي في «أحكام القرآن» حيث قال: إنما سقنا هذا الخبر لأن العلماء رووه ودونوه، وتحقيق القول أنه لم يصح سنده. أورده القرطبي أيضا في «تفسيره» (٢/ ٥٢) حيث قال: هذا كله ضعيف، وبعيد عن ابن عمر وغيره لا يصح منه شيء اهـ. باختصار. وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي بتخريجي رقم (٣١) و «تفسير الشوكاني» (٢٠٠) بتخريجي، والله الموفق. الخلاصة: هو حديث باطل لا أصل له، والظاهر أنه من أساطير الإسرائيليين وافتراءاتهم، ومصدره كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وغيرهما ممن يروي الإسرائيليات.