للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَشارَتْ، مَرْيَمُ، إِلَيْهِ، أَيْ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ كَلِّمُوهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [١] رَضِيَ اللَّهُ عنهما: لَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهَا حُجَّةٌ أَشَارَتْ إِلَيْهِ لِيَكُونَ كَلَامُهُ حُجَّةً لَهَا.

وَفِي الْقِصَّةِ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ غَضِبَ الْقَوْمُ، وَقَالُوا مَعَ ما فعلت أتسخرين بنا؟ ثم، قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا أَيْ: مَنْ هو في المهد، وهو [في] [٢] حِجْرُهَا. وَقِيلَ: هُوَ الْمَهْدُ بِعَيْنِهِ، كانَ بِمَعْنَى هُوَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ صِلَةٌ أَيْ كَيْفَ نُكَلِّمُ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ، وَقَدْ يَجِيءُ كَانَ حَشْوًا فِي الْكَلَامِ لَا مَعْنَى لَهُ كَقَوْلِهِ: هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا [الإِسْرَاءِ: ٩٣] أَيْ: هَلْ أَنَا؟ قَالَ السُّدِّيُّ: فَلَمَّا سَمِعَ عِيسَى كَلَامَهُمْ تَرَكَ الرِّضَاعَ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ تَرَكَ الثَّدْيَ وَاتَّكَأَ عَلَى يَسَارِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَمِينِهِ.

قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وَقَالَ وَهْبٌ: أَتَاهَا زَكَرِيَّا عِنْدَ مُنَاظَرَتِهَا الْيَهُودَ فَقَالَ لِعِيسَى انْطِقْ بِحُجَّتِكَ إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ بِهَا، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: بَلْ هُوَ يَوْمَ وُلِدَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ إِلَهًا، آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، قِيلَ: مَعْنَاهُ سَيُؤْتِينِي الْكِتَابَ وَيَجْعَلُنِي نَبِيًّا. وَقِيلَ: هَذَا إِخْبَارٌ عَمَّا كُتِبَ [لَهُ] [٣] فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

«١٣٨٩» كَمَا قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَّى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: «كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» .

وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ أُوتِيَ الْإِنْجِيلَ وَهُوَ صَغِيرٌ طِفْلٌ، وَكَانَ يَعْقِلُ عَقْلَ الرِّجَالِ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ:

أُلْهِمَ التَّوْرَاةَ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.


١٣٨٩- صحيح. أخرجه أحمد ٥/ ٥٩ والحاكم ٢/ ٦٠٩ والطبراني ٢/ ٣٥٣ والآجري في «الشريعة» ٩٥٦ من طرق عن بديل بن ميسرة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عن ميسرة الفجر، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ورجاله رجال مسلم.
- وقال الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٢٢٢: رجاله رجال الصحيح.
- وللحديث شواهد منها:.
- حديث أبي هريرة عند الترمذي ٣٦٠٩ والحاكم ٢/ ٦٠٩ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٢٩.
والآجري ٩٥٩ وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
- وحديث العرباض بن سارية عند أحمد ٤/ ١٢٨ والحاكم ٢/ ٦٠٠ وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٠٩ وابن حبان ٦٤٠٤ وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٢٢٢: رواه أحمد بأسانيد وأحد أسانيده رجال الصحيح غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبان اهـ.
- وحديث ابن عباس عند البزار ٢٣٦٤ والطبراني ١٢٥٧١ و١٢٦٢٦ وفيه جابر بن يزيد الجعفي، ضعيف، لكن يصلح للمتابعة.
- وحديث خالد الحذاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عن رجل قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ... فذكره، وإسناده صحيح كما في «المجمع» ٨/ ٢٢٣ وجهالة الصحابي لا تضر.
وانظر «المقاصد الحسنة» ٨٣٧ للسخاوي و «الشريعة» ٤٢٨- ٤٣٠ للآجري بتخريجي، والله الموفق.
(١) في المخطوط «مسعود» .
(٢) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٣) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>