للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ، دَعَا رَبَّهُ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [الْقَمَرِ: ١٠] فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ، نَحْنُ يَعْنِي أَجَبْنَا دُعَاءَهُ وَأَهْلَكْنَا قَوْمَهُ.

وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) ، الْغَمِّ الْعَظِيمِ الَّذِي لَحِقَ قَوْمَهُ وَهُوَ الْغَرَقُ.

وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) ، وَأَرَادَ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِنْ نَسْلِ نُوحٍ، رَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ مَاتَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَلَدَهُ وَنِسَاءَهُمْ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ وَلَدُ نُوحٍ ثَلَاثَةً: سَامٌ وَحَامٌ ويَافِثُ، فَسَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَفَارِسَ وَالرُّومِ، وَحَامٌ أَبُو السُّودَانِ، وَيَافِثُ أَبُو التَّرْكِ وَالْخَزَرِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمَا هُنَالِكَ.

وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) ، أَيْ أَبْقَيْنَا لَهُ ثَنَاءً حَسَنًا وَذِكْرًا جَمِيلًا فِيمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) ، أَيْ سَلَامٌ عَلَيْهِ مِنَّا فِي الْعَالَمِينَ. وَقِيلَ: أَيُّ تَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخَرِينَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) ، قَالَ مُقَاتِلٌ: جَزَاهُ اللَّهُ بِإِحْسَانِهِ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ فِي الْعَالَمِينَ.

إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢) ، يَعْنِي الْكُفَّارَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ، أي من أهل دينه وملته وَسُنَّتِهِ، لَإِبْراهِيمَ. إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) ، مُخْلَصٍ مِنَ الشِّرْكِ وَالشَّكِّ.

إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ (٨٥) ، استفهام توبيخ.

أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) ، يَعْنِي أَتَأْفِكُونَ إِفْكًا وَهُوَ أَسْوَأُ الْكَذِبِ، وَتَعْبُدُونَ آلِهَةً سِوَى اللَّهِ.

فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧) ، إذا لَقَيْتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِكُمْ.

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ قَوْمُهُ يَتَعَاطَوْنَ عِلْمَ النُّجُومِ فَعَامَلَهُمْ مِنْ حَيْثُ كانوا [يتعاطون] [١] لِئَلَّا يُنْكِرُوا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكَايِدَهُمْ فِي أَصْنَامِهِمْ لِيُلْزِمَهُمُ الْحُجَّةَ فِي أَنَّهَا غَيْرُ مَعْبُودَةٍ، وَكَانَ لَهُمْ مِنَ الْغَدِ عِيدٌ وَمَجْمَعٌ وَكَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى أصنامهم ويقربون لهم القرابين، ويضعون [٢] بَيْنَ أَيْدِيهِمُ الطَّعَامَ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ إلى عيدهم، زعموا لتبرك [٣] عَلَيْهِ فَإِذَا انْصَرَفُوا مِنْ عِيدِهِمْ أَكَلُوهُ، فَقَالُوا لِإِبْرَاهِيمَ: أَلَا تَخْرُجُ غَدًا مَعَنَا إِلَى عِيدِنَا، فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ فَقَالَ: إِنِّي سَقِيمٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَطْعُونٌ، وَكَانُوا يَفِرُّونَ مِنَ الطَّاعُونِ فِرَارًا عَظِيمًا. قَالَ الْحَسَنُ: مَرِيضٌ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَجِعٌ.

وَقَالَ الضَّحَاكُ: سَأَسْقَمُ.

فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) ، إِلَى عِيدِهِمْ فَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْأَصْنَامِ فَكَسَرَهَا.

كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ، مَالَ إِلَيْهَا مَيْلَةً فِي خُفْيَةٍ، وَلَا يُقَالُ: (رَاغَ) حَتَّى يكون


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «ويفرشون لهم الفراش، ويضعون» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المخطوط: «التبارك» وفي «ط» : «للتبارك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>