للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) ، رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِلْيَاسُ هُوَ إِدْرِيسُ. وَفِي مُصْحَفِهِ: وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ.

وَقَالَ الْآخَرُونَ: هُوَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ ابْنُ عَمِّ الْيَسَعَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ إلياس بن بشير [١] بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعَيْزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ.

وَقَالَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَخْبَارِ [٢] : لَمَّا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حِزْقِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَظُمَتِ الْأَحْدَاثُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَظَهَرَ فِيهِمُ الْفَسَادُ وَالشِّرْكُ وَنَصَبُوا الْأَوْثَانَ وَعَبَدُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ إِلْيَاسَ نَبِيًّا وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مُوسَى بِتَجْدِيدِ مَا نَسُوا مِنَ التَّوْرَاةِ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ فِي أَرْضِ الشَّامِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنْ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ لَمَّا فَتَحَ الشَّامَ بَوَّأَهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ فَأَحَلَّ سِبْطًا مِنْهُمْ بِبَعْلَبَكَّ وَنَوَاحِيهَا، وَهُمُ السِّبْطُ الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمْ إِلْيَاسُ فَبَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ نَبِيًّا، وَعَلَيْهِمْ يَوْمَئِذٍ مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ: آجَبُ قَدْ أَضَلَّ قَوْمَهُ وَأَجْبَرَهُمْ عَلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَكَانَ يَعْبُدُ هُوَ وَقَوْمُهُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ: بَعْلٌ، وَكَانَ طُولُهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا وَلَهُ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ، فَجَعَلَ إلياس يدعوهم إلى [عبادة] [٣] اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَلِكِ، فَإِنَّهُ صَدَّقَهُ وَآمَنَ بِهِ فَكَانَ إِلْيَاسُ يُقَوِّمُ أَمْرَهُ وَيُسَدِّدُهُ وَيُرْشِدُهُ، وَكَانَ لِآجَبَ الْمَلِكِ هَذَا امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أَزْبِيلُ [٤] وَكَانَ يَسْتَخْلِفُهَا عَلَى رَعِيَّتِهِ إِذَا غَابَ عَنْهُمْ فِي غَزَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَكَانَتْ تَبْرُزُ لِلنَّاسِ وَتَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ، وَكَانَتْ قتالة الأنبياء يُقَالُ هِيَ الَّتِي قَتَلَتْ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَكَانَ لَهَا كَاتِبٌ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ حَكِيمٌ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ وَكَانَ قَدْ خَلَّصَ مِنْ يَدِهَا ثَلَاثَمِائَةِ نَبِيٍّ كَانَتْ تُرِيدُ قَتْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِذَا بُعِثَ سِوَى الَّذِينَ [٥] قَتَلَتْهُمْ، وَكَانَتْ فِي نَفْسِهَا غَيْرَ مُحْصَنَةٍ وكانت قد تزوجت تسعة [٦] من ملوك بني إسرائيل، قتلتهم [٧] كُلَّهُمْ بِالِاغْتِيَالِ وَكَانَتْ مُعَمِّرَةً يُقَالُ: إِنَّهَا وَلَدَتْ سَبْعِينَ وَلَدًا، وَكَانَ لآجب هذا جار [وهو] رَجُلٌ صَالِحٌ يُقَالُ لَهُ مَزْدَكِيُّ [٨] ، وَكَانَتْ لَهُ جُنَيْنَةٌ يَعِيشُ مِنْهَا وَيُقْبِلُ عَلَى عِمَارَتِهَا وَمَرَمَّتِهَا وَكَانَتِ الْجُنَيْنَةُ إِلَى جَانِبِ قَصْرِ الْمَلِكِ وَامْرَأَتِهِ، وَكَانَا يُشْرِفَانِ عَلَى تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ يَتَنَزَّهَانِ فِيهَا وَيَأْكُلَانِ وَيَشْرَبَانِ وَيَقِيلَانِ فِيهَا، وَكَانَ آجَبُ الْمَلِكُ يُحْسِنُ جِوَارَ صَاحِبِهَا مَزْدَكِيَّ [٩] وَيُحْسِنُ إِلَيْهِ وَامْرَأَتُهُ أَزْبِيلُ [١٠] تَحْسُدُهُ لِأَجْلِ تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ، وَتَحْتَالُ أَنْ تَغْصِبَهَا مِنْهُ لِمَا تَسْمَعُ النَّاسَ يُكْثِرُونَ ذِكْرَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْ حُسْنِهَا، وَتَحْتَالُ أَنْ تَقْتُلَهُ وَالْمَلِكُ يَنْهَاهَا عَنْ ذَلِكَ وَلَا تَجِدُ عَلَيْهِ سَبِيلًا، ثُمَّ إِنَّهُ اتَّفَقَ خُرُوجُ الْمَلِكِ إِلَى سَفَرٍ بَعِيدٍ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ فاغتنمته امْرَأَتُهُ أَزْبِيلُ [١١] ذَلِكَ فَجَمَعَتْ جَمْعًا مِنَ النَّاسِ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى مَزْدَكِيَّ [١٢] أَنَّهُ سَبَّ زَوْجَهَا آجَبَ فَأَجَابُوهَا إِلَيْهِ، وَكَانَ فِي حُكْمِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الْقَتْلُ عَلَى مَنْ سَبَّ الْمَلِكَ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَأَحْضَرَتْ مَزْدَكِيَّ وَقَالَتْ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ شَتَمْتَ الْمَلِكَ فَأَنْكَرَ مَزْدَكِيُّ فَأَحْضَرَتِ الشُّهُودَ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالزُّورِ، فَأَمَرَتْ بِقَتْلِهِ، وَأَخَذَتْ جُنَيْنَتَهُ، فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ.

فَلَمَّا قَدِمَ الْمَلِكُ مِنْ سَفَرِهِ أَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهَا: مَا أَصَبْتِ وَلَا أَرَانَا نُفْلِحُ بَعْدَهُ، فَقَدْ جَاوَرَنَا مُنْذُ


(١) في المطبوع وط «بشر» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «الأحبار» والمثبت عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المخطوط «أن بيل» .
(٥) في المطبوع «الذي» والمثبت عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «سبعة» . [.....]
(٧) في المطبوع «وقتلت» والمثبت عن المخطوط.
(٨) في المخطوط «مردكي» .
(٩) في المخطوط «مردكي» .
(١٠) في المخطوط «أن بيل» .
(١١) في المخطوط «أن بيل» .
(١٢) في المخطوط «مردكي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>