للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ع «١٨٩» رُوِيَ أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ كَانَتْ وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» .

ثُمَّ الْمُحْصَرُ يَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ الهدي وحلق الرأس، والهدي بشاة وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَمَحِلُّ ذَبْحِهِ حَيْثُ أُحْصِرَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ الْهَدْيَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِهَا، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ يُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَيَبْعَثُ بِهَدْيِهِ إِلَى الْحَرَمِ وَيُوَاعِدُ مَنْ يَذْبَحُهُ هُنَاكَ ثُمَّ يَحِلُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَاخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي الْمُحْصَرِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَفِي قَوْلٍ: لَا بَدَلَ لَهُ فَيَتَحَلَّلُ وَالْهَدْيُ في ذمّته إلى أن يجده، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ بَدَلٌ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِيهِ، فَفِي قَوْلٍ: عَلَيْهِ صَوْمُ التَّمَتُّعِ، وَفِي قَوْلٍ: تُقَوَّمُ الشَّاةُ بِدَرَاهِمَ وَيَجْعَلُ الدَّرَاهِمَ طَعَامًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْإِطْعَامِ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ يَوْمًا كَمَا فِي فِدْيَةِ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ، فَإِنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا احْتَاجَ إِلَى سَتْرِ رَأْسِهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ إِلَى لُبْسِ قَمِيصٍ أَوْ مَرَضٍ فَاحْتَاجَ إِلَى مُدَاوَاتِهِ بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ، فَعَلَ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَفِدْيَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالتَّعْدِيلِ فَعَلَيْهِ ذَبْحُ شَاةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُقَوِّمُ الشَّاةَ بِدَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمُ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ [من الطعام] [١] يَوْمًا، ثُمَّ الْمُحْصَرُ إِنْ كَانَ إحرامه بفرض قد استقرّ عليه فذلك الفرض فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فَهَلْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، أَيْ: فَعَلَيْهِ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَمَحَلُّهُ رَفْعٌ، وَقِيلَ: مَا فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، أَيْ: فاهد مَا اسْتَيْسَرَ، وَالْهَدْيُ جَمْعُ هَدِيَّةٍ وَهِيَ [٢] اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُهْدَى إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ، وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْيُسْرِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ:

أَعْلَاهُ بَدَنَةٌ وَأَوْسَطُهُ بَقَرَةٌ وَأَدْنَاهُ شَاةٌ، قوله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، اخْتَلَفُوا فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَحِلُّ الْمُحْصَرُ بِبُلُوغِ هَدْيِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هو ذبحه في الموضع [٣] الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ، وَمَعْنَى مَحِلَّهُ حَيْثُ يَحِلُّ ذَبْحُهُ [وأكله] [٤] فيه.

«١٩٠» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي قِصَّةِ الحديبية، قال:


١٨٩- ع صحيح. أخرجه البخاري ٥٩٢٨ و٥٠٨٩ ومسلم ١١٨٩ والترمذي ١٩٤١ والنسائي (٥/ ٦٨) و (١٣٨ و١٦٨) وابن ماجه ٢٩٣٦ و٢٩٣٧ وأحمد (١/ ١٣٠) و (١٦٤) و (٢٠٢) و (٤١٩) والشافعي (١/ ٢٩٦- ٢٩٧) والدارمي (٢/ ٣٢ و٣٣) والطحاوي (٢/ ١٣٠) والدارقطني (٢/ ٢٣٤- ٢٣٥) وابن حبان ٣٧٧٢ و٣٧٧٣ وابن الجارود ٤٢٠ والطبراني في «الكبير» (٢٤/ ٧٧٣) و (٨٣٣) والبيهقي (٥/ ٢٢١) من طرق عن عائشة به.
١٩٠- إسناده صحيح. عبد الله بن محمد هو الجعفي أبو جعفر البخاري، من رجال البخاري، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم. عبد الرزاق هو ابن همام صاحب المصنف، معمر هو ابن راشد والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب.
وأخرجه البخاري (٢٧٣١) و (٢٧٣٢) وعبد الرزاق ٩٧٢٠ وأحمد (٤/ ٣٢٨- ٣٣١) وابن حبان ٤٨٧٢ والطبراني في «الكبير» (٢٠/ ١٣ و١٤ و٨٤٢) والبيهقي (٥/ ٢١٥) و (٧/ ١٧١) و (١٠/ ١٠٩) من طريق معمر بهذا الإسناد، وقرنوا مع المسور مروان بن الحكم.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «وهو» .
(٣) في المطبوع «بالموضع» .
(٤) سقط من المطبوع وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>