للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مريم: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا [مريم: ١٠] ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ، فَأَمَرَهُ بِالذِّكْرِ وَنَهَاهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: عَقَلَ لِسَانَهُ عَنِ الْكَلَامِ مع الناس ثلاثة أيام، قال قَتَادَةُ: أَمْسَكَ لِسَانَهُ عَنِ الْكَلَامِ عُقُوبَةً [لَهُ] [١] لِسُؤَالِهِ الْآيَةَ، بَعْدَ مُشَافَهَةِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ: إِلَّا رَمْزاً، أَيْ: إِشَارَةً وَالْإِشَارَةُ قَدْ تَكُونُ بِاللِّسَانِ وَبِالْعَيْنِ وَبِالْيَدِ، وكانت إشارته بالأصبع المسبّحة، قال الْفَرَّاءُ: قَدْ يَكُونُ الرَّمْزُ بِاللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَهُوَ الصوت الخفي شبه [٢] الْهَمْسَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَادَ بِهِ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا صَامُوا لَمْ يَتَكَلَّمُوا إِلَّا رَمْزًا، وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ: الصَّلَاةُ وَالْعَشِيُّ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشمس إلى [غروبها] [٣] ، ومنه سمّيت صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارُ، مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى الضُّحَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ، يَعْنِي: جِبْرِيلَ، يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ: اخْتَارَكِ، وَطَهَّرَكِ، قِيلَ: مِنْ مَسِيسِ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، قَالَ السُّدِّيُّ: كَانَتْ مَرْيَمُ لَا تَحِيضُ، وَقِيلَ: مِنَ الذُّنُوبِ، وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ، قيل: على [نساء] [٤] عَالَمِي زَمَانِهَا، وَقِيلَ:

عَلَى جَمِيعِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فِي أَنَّهَا وَلَدَتْ بِلَا أَبٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: بِالتَّحْرِيرِ في المسجد ولم [يحرر فيه أحد من النساء إلّا هي] [٥] .

«٣٨٣» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن [أبي] رَجَاءٍ [٦] ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ أخبرني أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ:

سَمِعْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عمران، وخير نسائها خديجة» .

وَرَوَاهُ وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.

«٣٨٤» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [٧] الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ [أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن يوسف] [٨]


٣٨٣- إسناده صحيح على شرط البخاري، أبو رجاء اسمه عبد الله بن أيوب، النضر هو ابن شميل المازني، هشام هو ابن عروة بن الزبير، وقد توبع أحمد بن أبي رجاء عند مسلم وغيره، ومن فوقه على شرطهما.
- وهو في «شرح السنة» (٣٨٤٧) بهذا الإسناد.
- أخرجه المصنف من طريق البخاري، وهو في «صحيحه» (٣٤٣٢) عن أحمد بن أبي رجاء بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٣٨١٥ ومسلم ٢٤٣١ والترمذي ٣٨٨٧ وأحمد ١/ ٨٤ و١٣٢ و١٤٣ وأبو يعلى ٥٢٢ من طرق عن هشام بن عروة به.
٣٨٤- إسناده صحيح على شرط البخاري، آدم هو ابن أبي إياس عبد الرحمن العسقلاني، روى له البخاري دون مسلم، ومن فوقه رجال الشيخين، شعبة هو ابن الحجاج، عمرو هو ابن مرة بن عبد الله الجملي، ومرة هو ابن شراحيل الهمداني.
(١) زيادة عن المخطوط وط.
(٢) في المخطوط «يشبه» .
(٣) في المطبوع وط «غروب الشمس» .
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) العبارة في المطبوع وط «تحرر أنثى» .
(٦) في الأصل «بن رجاء» والتصويب من «صحيح البخاري» و «شرح السنة» .
(٧) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>