للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدُّنْيَا [وَلَا يُرِيدُ بِهَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ آتَاهُ اللَّهُ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا] [١] أَوْ دَفَعَ عَنْهُ فِيهَا مَا أَرَادَ اللَّهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ ثَوَابٍ، وَمَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ ثَوَابَ الْآخِرَةِ آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَحَبَّ وَجَزَاهُ الْجَنَّةَ فِي الْآخِرَةِ.

وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ، يَعْنِي: كُونُوا قَائِمِينَ بِالشَّهَادَةِ بِالْقِسْطِ، أَيْ: بِالْعَدْلِ لِلَّهِ، وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كونوا قوالين [٢] بِالْعَدْلِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ كانت له، وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فِي الرَّحِمِ، أَيْ: قُولُوا الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِالْإِقْرَارِ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَأَقِيمُوهَا عَلَيْهِمْ لِلَّهِ، وَلَا تُحَابُوا غَنِيًّا لِغِنَاهُ وَلَا تَرْحَمُوا فَقِيرًا لِفَقْرِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما، مِنْكُمْ، [أَيْ أَقِيمُوا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَلِلْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا مِنْكُمْ] [٣] ، أَيْ كِلُوا أَمْرَهُمَا إِلَى اللَّهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمَا، فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا، أَيْ: ولا تَجُورُوا وَتَمِيلُوا إِلَى الْبَاطِلِ مِنَ الْحَقِّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى لِتَعْدِلُوا، أَيْ: لِتَكُونُوا عَادِلِينَ كَمَا يُقَالُ: لَا تَتَّبِعِ الْهَوَى لِتُرْضِيَ رَبَّكَ. وَإِنْ تَلْوُوا أَيْ:

تُحَرِّفُوا الشَّهَادَةَ لِتُبْطِلُوا الْحَقَّ أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهَا فَتَكْتُمُوهَا وَلَا تُقِيمُوهَا، وَيُقَالُ: تَلْوُوا أَيْ تُدَافِعُوا فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، يُقَالُ: لَوَيْتَهُ حَقَّهُ إِذَا دَفَعْتَهُ وَمَطَلْتَهُ [٤] ، وَقِيلَ: هَذَا الخطاب مَعَ الْحُكَّامِ فِي لَيِّهِمُ الْأَشْدَاقَ، يَقُولُ: وَإِنْ تَلْوُوا أَيْ تَمِيلُوا إِلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهُ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ تَلُوا بِضَمِّ اللَّامِ، قِيلَ: أَصْلُهُ تَلْوُوا، فَحُذِفَتْ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ تَخْفِيفًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَإِنْ تَلُوا الْقِيَامَ بِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ تُعْرِضُوا فَتَتْرُكُوا أَدَاءَهَا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الْآيَةَ:

ع «٧٢٦» قَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلام وأسد وأسيد بني كَعْبٍ، وَثَعْلَبَةَ بْنِ قَيْسٍ وَسَلَامِ ابن أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وسلمة ابن أَخِيهِ وَيَامِينَ بْنِ يَامِينَ فَهَؤُلَاءِ مؤمنو أَهْلِ الْكِتَابِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّا نُؤْمِنُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ وَعُزَيْرٍ وَنَكْفُرُ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلّم، والقرآن وبكل كتاب كان قَبْلَهُ» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ وَبِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالتَّوْرَاةِ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ، يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ، مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو «نُزِّلَ وَأُنْزِلَ» بِضَمِّ النُّونِ وَالْأَلِفِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ «نَزَلَ وَأَنْزَلَ» بِالْفَتْحِ أَيْ أَنْزَلَ اللَّهُ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالُوا: فَإِنَّا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ ورسوله والقرآن وبكل


٧٢٦- ع باطل. علّقه المصنف عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن ابن عباس، وإسناده إلى الكلبي أول الكتاب، وهذا إسناد ساقط الكلبي متروك كذاب.
وذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٣٧٢) عن الكلبي بدون إسناد، وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» (١/ ٥٧٦) :
ذكره الثعلبي من رواية الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابن عباس وذكره الواحدي في «الأسباب» عن الكلبي بدون إسناد اهـ.
(١) زيد في المطبوع وط.
(٢) في المطبوع «قوامين» .
(٣) زيد في المطبوع وط.
(٤) في المطبوع «وأبطلته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>