للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ قُبِض - صلى الله عليه وسلم - فكان فيمن غسلّه الفضلُ بن عبّاس وعلي بن أبي طالب، وأسامةُ يصبُّ عليه الماء. فلمّا دُفِن -عليه السلام- قال عمر لأبي بكر: ما ترى في لواء أسامة؟. قال: ما أَحُلُّ عقدًا عَقَدَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يحُلُّ من عسكره رجلٌ إلَّا أن يكون أنت، ولولا حاجتي لمشورتك لما حَلَلْتُك من عسكره، يا أسامة! عليك بالمياه. يعني: البوادي. وكان يمرُّ بالبوادي فينظروا (١) إلى جيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيثبتوا على أديانهم، إلى أن صار إلى عشيرته كلب، فكانت تحت لوائه، إلى أن قدِم الشامَ على معاوية، فقال له معاوية: اختر لك منزلًا فاختار المِزَّةَ، واقتطع فيها هو وعشيرته.

وقد قال الشاعر -وهو أعورُ كلب-:

إذا ذُكِرتْ أرضٌ لقومٍ بنعمةٍ ... فبلدةُ قومي تَزْدهي وتطيبُ

بها الدّينُ والأفضال والخير والنّدى ... فمن ينتجعْها للرشاد يصيبُ

ومن ينتجعْ أرضًا سواها فإنّه ... سيندَمُ يومًا بعدها ويخيبُ

تأتّى لها خالي أسامةُ منزلًا ... وكان لخير العالمين حبيبُ

حبيبُ رسول الله وابنُ رديفه ... له إلفةٌ معروفةٌ ونَصيبُ

فأسكنها كلبًا فأضحت ببلدةٍ ... لها منزلٌ رَحْبُ الجَنَابِ خصيبُ

فنصفٌ على برٍّ وشيحٍ ونُزهةٍ ... ونصفٌ على بحرٍ أغزَّ رَطيبُ

ثمّ إن أسامة خرج إلى وادي القرى (٢) إلى ضَيْعةٍ له فَتوفِّي بها، وخلّف في المِزَّةِ ابنةً له يُقال لها: (فاطمة)، فلم تزل مقيمةً إلى أن وُلِّيَ عمرُ بن عبد العزيز -رحمه الله (٣) -، فجاءت فدخلت عليه، فقام من مجلسه


(١) كذا بالأصول، وصوابه: (فينظرون).
(٢) وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة.
(٣) في (ر): (رضي الله عنه).

<<  <  ج: ص:  >  >>