للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمعدوم، على وجهين:

* المال النفيس النادر: ثم اختلفوا في المراد، فقيل: تعطي غيرك المال المعدوم تبرعا، وقيل: تُحَصِّلُ المال العظيم الذي يعجز عنه غيرك ثم تجود به في وجوه الخير، وهذا اختيار النووي.

* الفقير المُعدمُ العاجز عن الكسب: فسمي معدوما لأنه كالميت.

والذي قواه ورجحه الأصبهاني هو التفسير الأخير، وإلى ذلك مال الخطابي أيضا، غير أنَّه قال: (صَوَابه: وَتكسِبُ المُعدِم) (١)، فتعقبه الأصبهاني، وخطَّأه روايةً فقال: (مَا رَواهُ الرُّوَاة صوابٌ)، ووافقه درايةً، فقال: (تَكسِبُ المَعدُومَ أَي: تَسعَى فِي طَلَبِ عَاجزٍ تُنعِشُه، وَالكَسْب هو الاسِتفَادةُ).

ويظهر أن ابن حجر اقتنع بتوجيه الأصبهاني رواية ودراية، لذلك قال: (قُلتُ ولا يَمتنِعُ أَن يُطلَقَ عَلَى المُعدِم المعدُوم لكَونه كالمعدُومِ الميِّت الَّذِي لا تصرُّفَ لَهُ، وَالكَسبُ هُو الاستِفَادةُ) (٢).

وأما النووي فلم يرتض هذا التفسير، ورأى أن تفسيره بالمال أولى وأرجح، قال: (وَهذَا الَّذِي قَاله صَاحِبُ التَّحريرِ وَإن كانَ لهُ بَعضُ الاتِّجَاهِ كَما حرَّرتُ لفْظَه فَالصَّحِيحُ المُختَارُ مَا قدَّمتُه وَالله أَعلَم) (٣)، وهذا تعقيب لطيف، ورد رفيق، لأن مذهب الأصبهاني له وجهه، إن لم نقل إنه الأنسب سياقًا، والأبلغ معنى.

الأنسب سياقا، لأن خديجة تتحدث عن جود النبي وكرمه


(١) أعلام الحديث: ١/ ١٢٩.
(٢) فتح الباري: ١/ ٢٤.
(٣) أعلام الحديث: ١/ ١٢٩.

<<  <   >  >>