للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتعدي إلى الغير، فإنه يصل الرحم، ويحمل الكلَّ، ويقري الضيف، فالأشبه أن يكون المعدوم غيرا، وقد تنبه النووي لهذا، فغلَّط من فسره بمجرد كسب المال، فقال: (وأيُّ معنًى لهذا القَولِ في هذا المَوطِن) ثم أضاف إضافة حتى ينصلح المعنى، فقال: (إلَّا أنَّه يُمكن تصحِيحُه بِأن يُضم إليه زيادةٌ فيكون معناهُ: تَكسِبُ المالَ العَظيمَ الذِي يَعجزُ عنه غيرُك، ثمَّ تَجودُ، به في وُجوهِ الخيرِ وأبوَابِ المَكَارِم)، حتى ينسجم مع سابقه فقال: (كَمَا ذكَرَتْ منْ حمل الكَلِّ، وصِلةِ الرَّحم، وقِرَى الضَّيفِ، والإِعَانةِ على نوائِبِ الحَقّ) (١)، فآل معنى كلامه في النهاية إلى ما قرره الأصبهاني.

وأما كونه الأبلغ معنى، فقد وضحه التُّورِبِشتِي حيث قال: وأَجرَاهَا بعضُهم عَلَى الاتِّسَاعِ، فَرَأَى أَنَّه أَنزَلَ العَائِلَ مَنزِلَةَ المَعدُومِ مُبالغةً في العَجْزِ، كَقولِكُ للبخيلِ أو الجبانِ: ليسَ بِشيءٍ) (٢).

٥ - حديث عائشة، وفيه قولها: (مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ) (٣)، وحديثها عن زينب تمدحها، وتقصد أنَّها لا تنكر عليها شيئا، إلا حدَّة في طبعها، ومع ذلك تفيء وتهدأ سريعا، وسياق الكلام يزكي هذا المعنى.

لكن الأصبهاني صحف لفظ: (سَوْرَة) إلى (سَوْدَة)، فصار المعنى عنده: (أي: لم أَرَ امْرَأَةً قطُّ خيرًا في الدَّينِ مِن زَينَبَ، ثُمَّ استَثنَت من ذلك سودةَ بنتَ زمعة) (٤)، قال النووي منبها: (وَقَد صحَّفَ صاحِبُ التَّحريرِ فِي هَذا الحديثِ


(١) شرح مسلم: ٢/ ٢٠١.
(٢) الميسر في شرح مصابيح السنة: ٤/ ١٢٦٣.
(٣) رواه مسلم برقم: ٢٤٤٢.
(٤) ص ٥٤٩ من هذا الكتاب (التحرير).

<<  <   >  >>