بالقوم رُوِيَ أَيْضا: لَا بَأْس بالقوم. يُرِيد أنّ أجسامهم لَا تعاب وَهِي طَوِيلَة عَظِيمَة ولكنّها كأجسام البغال لَا عقول لَهَا. هَكَذَا رَوَاهُ النَّاس وَرَوَاهُ الزمخشريّ: جسم الْجمال وأحلام الخ عِنْد قَوْله تَعَالَى: حَتَّى يلج الْجمل فِي سمّ الْخياط على أنّ الْجمل مثلٌ فِي عظم الجرم وَهَذَا مثل قَول بَعضهم: الوافر
(وَقد عظم الْبَعِير بِغَيْر لبٍّ ... فَلم يسْتَغْن بالعظم الْبَعِير)
وَقَالَ آخر: الطَّوِيل
(فأحلامهم حلم العصافير دقةً ... وأجسامهم جسم الجمائل أَو أجفى)
وَهَذَانِ البيتان أوردهما سِيبَوَيْهٍ على رفع الْجِسْم والأحلام على إِضْمَار مُبْتَدأ لما أَرَادَ من تَفْسِير أَحْوَالهم دون الْقَصْد إِلَى الذَّم.
وَالتَّقْدِير أجسامهم أجسام البغال وأحلامهم أَحْلَام العصافير: عظما وحقارة. وَيجوز أَن يُرِيد لَا أَحْلَام لَهُم كَمَا أنّ العصفور لَا حلم لَهُ وَلَو قصد بِهِ الذمّ فنصبه بإضمار فعل لجَاز.
قَالَ ابْن خلف: ذكر سِيبَوَيْهٍ هَذَا الشّعْر بعد أَبْيَات أنشدها وَذكر فِيهَا أَسمَاء قد نصبت على وَقَوله: وَلم يرد أَن يَجعله شتماً يُرِيد أنّه لم يَجعله شتماً من طَرِيق اللَّفْظ إنّما هُوَ شتمٌ من طَرِيق الْمَعْنى وَهُوَ أغْلظ من كثير من الشتم. وأفرد الْجِسْم وَهُوَ يُرِيد الْجمع ضَرُورَة كَقَوْلِه: الرجز فِي حلقكم عظمٌ وَقد شجينا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute