قَالَ عمر قد أَقرَرت إمّا أَن ترضي الرجل وإمّا أقدته.
قَالَ جبلة: تصنع مَاذَا قَالَ: آمُر بهشم أَنْفك قَالَ: وَكَيف ذَلِك هُوَ سوقة وَأَنا ملك قَالَ: إنّ الْإِسْلَام جمعك وإياه فَلَيْسَ تفضله إلاّ بالتّقى والعافية قَالَ جبلة: قد ظَنَنْت أَنِّي أكون فِي الْإِسْلَام أعزّ منّي فِي الجاهليّة.
قَالَ عمر: دع عَنْك هَذَا فإنّك إِن لم ترض الرجل أقدته مِنْك قَالَ: إِذن أتنصّر قَالَ: إِن تنصّرت ضربت عُنُقك فَلَمَّا رأى جبلة الجدّ من عمر قَالَ: أَنا نَاظر فِي هَذَا لَيْلَتي هَذِه.
وَقد اجْتمع بِبَاب عمر من حيّ هَذَا وحيّ هَذَا خلق كثيرٌ حتّى كَادَت أَن تكون فتْنَة فَلَمَّا أَمْسوا أذن لَهُ عمر بالانصراف حتّى إِذا نَام النَّاس تحمّل جبلة مَعَ جماعته إِلَى الشَّام فَأَصْبَحت مَكَّة مِنْهُم بَلَاقِع. فَلَمَّا انْتهى إِلَى الشَّام تحمّل فِي خمسمائةٍ من قومه حتّى أَتَى القسطنطينيّة فَدخل إِلَى هِرقل فتنصّر هُوَ وَقَومه فسرّ هِرقل بذلك جدّاً وطنّ أنّه فتحٌ من القتوح واقعده حَيْثُ شَاءَ وَجعله من محدّثيه وسمّاره.
ثمَّ إنّ عمر بدا لَهُ أَن يكْتب إِلَى هِرقل يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام ووجّه إِلَيْهِ رَسُولا وَهُوَ جثّامة بن مساحق الكنانيّ فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِ أجَاب إِلَى كل شَيْء سوى الْإِسْلَام فَلَمَّا أَرَادَ الرَّسُول الِانْصِرَاف قَالَ لَهُ هِرقل: هَل رَأَيْت ابْن عمّك هَذَا الَّذِي جَاءَنَا رَاغِبًا فِي ديننَا قلت: لَا. قَالَ: فالقه. قَالَ: فتوجّهت إِلَيْهِ فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى بَابه رَأَيْت من الْبَهْجَة وَالْحسن والستور مَا لم أر مثله بِبَاب هِرقل فَلَمَّا أدخلت عَلَيْهِ إِذا هُوَ فِي بهو عَظِيم وَفِيه من التصاوير مَا لَا أحسن وَصفه وَإِذا هُوَ جَالس على سريرٍ من قَوَارِير قوائمه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute