وَقَوله: أسيئي بِنَا أَو أحسني الخ هَذَا الْتِفَات من الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب.
وَأوردهُ صَاحب الْكَشَّاف أَيْضا عِنْد قَوْله تَعَالَى: أَنْفقُوا طَوْعاً أَو كَرْهاً لن يُتقبَّل مِنْكُم على تَسَاوِي الإنفاقين فِي عدم الْقبُول كَمَا سَاوَى كثير بَين الْإِحْسَان والإساءة فِي عدم اللوم.
والنكتة فِي مثل ذَلِك إِظْهَار نفي تفَاوت الْحَال بتفاوت فعل الْمُخَاطب كَأَنَّهُ يأمرها بذلك لتحقيق أَنه على الْعَهْد. ومقلية بِمَعْنى مبغضة من القلي وَهُوَ البغض. وَقَوله: إِن تقلت الْتِفَات وروى صَاحب الأغاني بِسَنَدِهِ عَن هَيْثَم بن عدي قَالَ: سَأَلَ عبد الْملك بن مَرْوَان كثيرا عَن أعجب خبر لَهُ مَعَ عزة فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حججْت سنة وَحج زوج عزة مَعهَا وَلم يعلم أَحَدنَا بِصَاحِبِهِ فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْض الطَّرِيق أمرهَا زَوجهَا بابتياع سمن تصلح بِهِ طَعَاما لرفقته فَجعلت تَدور الْخيام خيمة خيمة حَتَّى دخلت إِلَيّ وَهِي لَا تعلم أَنَّهَا خَيْمَتي وَكنت أبري سَهْما فَلَمَّا رَأَيْتهَا جعلت أبري لحمي وَأنْظر حَتَّى بريت ذراعي وَأَنا لَا أعلم بِهِ وَالدَّم يجْرِي فَلَمَّا علمت ذَلِك دخلت إِلَيّ فَأَمْسَكت يَدي وَجعلت تمسح الدَّم بثوبها وَكَانَ عِنْدِي نحي سمن فَحَلَفت لتأخذنه.
فَأَخَذته وَجَاءَت زَوجهَا فَلَمَّا رأى الدَّم سَأَلَهَا عَن خَبره فكاتمته حَتَّى حلف عَلَيْهَا لتصدقنه. فصدقته فضربها وَحلف عَلَيْهَا لتشتمني فِي وَجْهي فوقفت عَليّ وَهُوَ مَعهَا وَقَالَت لي وَهِي تبْكي: يَا ابْن الزَّانِيَة ثمَّ انصرفا وَذَلِكَ حَيْثُ أَقُول:
يكلّفها الغيران شتمي وَمَا بهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute