بأكلةٍ فَكَأَنَّهُ قد ظفر بِرَأْس لُقْمَان لسروره بِمَا نَالَ وإعجابه بِمَا وصل إِلَيْهِ. وَهَذَا كَمَا يُقَال لمن يزهى بِمَا فعل ويفخر بِمَا أدْرك: كَأَنَّهُ قد بِرَأْس خاقَان وَهَذَا الْكَلَام الَّذِي جرى بَين مُعَاوِيَة والأحنف يُسمى التَّعْرِيض لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عرض بِصَاحِبِهِ بِمَا تسب بِهِ قبيلته من غير تَصْرِيح. وَيُشبه ذَلِك مَا يرْوى من أَن شريك بن عبد الله النميري ساير عمر بن هُبَيْرَة الْفَزارِيّ يَوْمًا فبدرت بغلة شريك فَقَالَ لَهُ ابْن هُبَيْرَة: غض من لجام بغلتك. فَقَالَ لَهُ شريك: إِنَّهَا مَكْتُوبَة. فَضَحِك ابْن هُبَيْرَة وَقَالَ: لم أرد مَا ذهبت إِلَيْهِ. عرض ابْن هُبَيْرَة بقول الشَّاعِر الوافر:
(فغض الطّرف إِنَّك من نميرٍ ... فَلَا كَعْبًا بلغت وَلَا كلابا)
وَعرض شريط بقول سَالم بن دارة الْبَسِيط:
(لَا تأمنن فزارياً خلوت بِهِ ... على قلوصك واكتبها بأسيار)
وَكَانَ بَنو فَزَارَة ينسبون إِلَى غشيان الْإِبِل. وَقَوله: تعير بِأَكْل السخينة بِالْبَاء. وَقد مَنعه ابْن قُتَيْبَة قَالَ: تَقول: عيرته كَذَا وَلَا تَقول عيرته بِكَذَا. وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا لُغَتَانِ وَإِسْقَاط الْبَاء أفْصح. والحساء والحسو: لُغَتَانِ. والعجف: الضعْف والهزال.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute