فَقيل: يَوْمئِذٍ. وَلَيْسَت الكسرة كسرة إِعْرَاب وَإِن كَانَت إِذْ فِي مَوضِع جر بِإِضَافَة مَا قبلهَا إِلَيْهَا. وَإِنَّمَا الكسرة فِيهَا لسكونها وَسُكُون التَّنْوِين بعْدهَا وَيدل على أَن الْكسر فِي ذال إِذْ إِنَّمَا هِيَ لالتقاء الساكنين قَول الشَّاعِر: وَأَنت إذٍ صَحِيح أَلا ترى أَن إِذا لَيْسَ فبلها شَيْء فَأَما قَول أبي الْحسن أَنه جر إِذْ لِأَنَّهُ أَرَادَ قبلهَا حِين ثمَّ حذفهَا وَبَقِي الْجَرّ فساقط. أَلا ترى أَن الْجَمَاعَة قد أَجمعت على أَن إِذْ وكم ومن من الْأَسْمَاء المبنية على الْوَقْف. وَقد قَالَ أَبُو الْحسن نَفسه فِي بعض التَّعَالِيق عَنهُ فِي حَاشِيَة الْكتاب: بعد كم وإِذْ من التَّمَكُّن أَن الْإِعْرَاب لم يدخلهما قطّ. فَهَذَا تَصْرِيح مِنْهُ بِبِنَاء إِذْ وَهُوَ اللَّائِق بِهِ وَالْأَشْبَه باعتقاده وَذَلِكَ القَوْل الَّذِي حكيناه عَنهُ شَيْء قَالَه فِي كِتَابه الموسوم بمعاني الْقُرْآن وَإِنَّمَا هُوَ شَبيه بالسهو مِنْهُ.
على أَن أَبَا عَليّ قد اعتذر لَهُ مِنْهُ بِمَا يكَاد يكون عذرا. قلت: أورد هَذَا الْعذر فِي آخر إِعْرَاب الحماسة: قَالَ: سَأَلت أَبَا عَليّ عَن قَوْله: وَأَنت إذٍ صَحِيح فَقلت: قد قَالَ أَبُو الْحسن: إِنَّه أَرَادَ حِينَئِذٍ فَهَذَا تَفْسِير الْمَعْنى أم تَقْدِير الْإِعْرَاب على أَن تكون إِذْ مجرورة بِحِين المرادة المحذوفة فَقَالَ: لَا بل إِنَّمَا فسر الْمَعْنى وَلَا يُرِيد أَن إِذْ مجرورة بِحِين المرادة. وَالَّذِي قَالَه أَبُو عَليّ أجري على مقاييس مَذَاهِب أَصْحَابنَا غير أَن كَلَام أبي الْحسن ظَاهره هُنَاكَ أَنه يُرِيد مَا عدل أَبُو عَليّ عَنهُ. انْتهى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute