ثمَّ قَالَ ابْن جني: وَيُؤَيّد مَا ذكرته من بِنَاء إِذْ أَنَّهَا إِذا أضيفت مَبْنِيَّة نَحْو قَوْله: إِذْ الأغلال فِي)
أَعْنَاقهم وإِذْ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت فَإِذا فِي هَذَا وَنَحْوه مُضَافَة إِلَى الْجمل بعْدهَا وموضعها نصب وَهِي كَمَا ترى مَبْنِيَّة. فَإِذا كَانَت فِي حَال إضافتها إِلَى الْجمل كلا إِضَافَة لِأَن من حق الْإِضَافَة أَن تقع على الْأَفْرَاد فَهِيَ إِذا لم تضف فِي اللَّفْظ أصلا أَجْدَر بِاسْتِحْقَاق الْبناء. ويزيدك وضوحاً قِرَاءَة الْكسَائي: من عَذَاب يومئذٍ فَبنِي يَوْم على الْفَتْح لما أَضَافَهُ إِلَى مَبْنِيّ غير مُتَمَكن. فَإِن قيل: بنيت إِذْ من حَيْثُ كَانَت غَايَة مُنْقَطِعًا مِنْهَا مَا أضيفت إِلَيْهِ أَو من حَيْثُ إضافتها إِلَى جملَة تجْرِي الْإِضَافَة إِلَيْهَا مجْرى لَا إِضَافَة فَهَلا أعربت لما أضيفت إِلَى الْمُفْرد فِي نَحْو قَوْلهم: فعلت إِذْ ذَاك قلت: هَذِه مغالطة فَإِن ذَاك لَيْسَ مجروراً بِإِضَافَة إِذْ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَاك مُبْتَدأ حذف خَبره تَخْفِيفًا وَالتَّقْدِير: إِذْ ذَاك كَذَاك. فالجملة هِيَ الَّتِي فِي مَوضِع الْجَرّ.
وَنَظِير هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد فِي قَول الآخر الْخَفِيف:
(طلبُوا صلحنا ولات أوانٍ ... فأجبنا أَن لَيْسَ حِين بَقَاء)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute