أَلا ترى أَن الْهَاء فِي كِنَايَة الظّرْف كالهاء فِي كِنَايَة الْمَفْعُول بِهِ. فَإِذا رددت الْحَرْف الَّذِي كنت حذفته فوصلته بِهِ دلّ على أَنه من بَين المفعولات ظرف. فقد علمت بردك لَهُ فِي الْإِضْمَار أَنَّك لم تضمن الِاسْم معنى الْحَرْف فتبنيه وَأَنه مُرَاد فِي حَال الْحَذف لِأَن فِي ظُهُور الِاسْم دلَالَة عَلَيْهِ فحذفته لذَلِك.
فَهَذَا يشبه قَوْلهم: الله لَأَفْعَلَنَّ فِي أَنهم مَعَ حذفهم ذَلِك يجْرِي عِنْدهم مجْرى غير الْمَحْذُوف إِلَّا أَنه لما حذف فِي الظّرْف واستغني عَنهُ وصل الْفِعْل إِلَيْهِ فانتصب. وَالْجَار إِذا حذفوه على هَذَا الْحَد الَّذِي ذكرته لَك من أَن الدّلَالَة قَائِمَة على حذفه يجْرِي على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَن يُوصل الْفِعْل كباب الظروف واخترت الرِّجَال زيدا.
وَالْآخر: أَن يُوصل الْفِعْل وَلَكِن يكون الْحَرْف كالمثبت فِي اللَّفْظ فيجرون بِهِ كَمَا يجرونَ بِهِ وَهُوَ مُثبت وَذَلِكَ قَوْلهم: الله وكما قَامَ لنا من الدّلَالَة على حذفهم لَهُ فِي وبلدٍ وكما ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي: المتقارب