للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَوله: لَكِنَّهَا خلة ... إِلَخ لَكِن هُنَا لتأكيد مَفْهُوم مَا قبلهَا كَقَوْلِك: لَو كَانَ عَالما لأكرمته لكنه لَيْسَ بعالم وَجُمْلَة قد سيط: صفة خلة. وسيط: مَجْهُول ساطه يسوطه سَوْطًا إِذا خلطه بِغَيْرِهِ وَمِنْه السَّوْط للآلة الَّتِي يضْرب بهَا لِأَنَّهَا تسوط اللَّحْم بِالدَّمِ.

وفجع: نَائِب الْفَاعِل وَمن بِمَعْنى فِي مُتَعَلق بسيط. والفجع: مصدر فجعه إِذا فاجأه بِمَا يكره.

والولع: الْكَذِب مصدر ولع من بَاب ضرب.

والإخلاف: مصدر أخلف يخلف فَهُوَ مخلف وَهُوَ أَن يَقُول شَيْئا وَلَا يَفْعَله فِي الْمُسْتَقْبل والتبديل: الغيير يُقَال: بدل الشَّيْء تبديلاً أَي: غَيره وَإِن لم يَأْتِ لَهُ بِبَدَل. وأبدله بِغَيْرِهِ واستبدل بِهِ إِذا أَخذه مَكَانَهُ.

وَالْمعْنَى: أَنَّهَا لَو كَانَ لَهَا صَاحب فجعته بصدها وَلَو وعدت بالوصل كذبت فِي قَوْلهَا وأخلفت وعدها تستبدل بالأخلاء وَلَا تراعي حق الْوَفَاء.

-

وَهَذَا الْكَلَام وَمن أَمْثَاله من أقاويل العشاق على سَبِيل الشكوى من صد الأحباب وبعدهم بعد الدنو والاقتراب وَمر هجرانهم عقب حُلْو الْوِصَال وبخلهم على مَسَاكِين الْعِشْق بطيف الخيال لَيْسَ بذم صرف إِنَّمَا يوردونه لأحد غرضين: إِمَّا لإِظْهَار التَّلَذُّذ بِالصبرِ على مَا يَفْعَله المعشوق وَالرِّضَا بأفعاله كَمَا قَالَ ابْن أبي الْحَدِيد: الْكَامِل

(متغيرٌ متلونٌ متعنتٌ ... متعتبٌ متمنعٌ متدلل)

ذكر عدَّة خِصَال من جِنَايَة الحبيب وتجنيه تلونه وتأبيه.

ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك:

(أستعذب التعذيب فِيهِ كَأَنَّمَا ... جرع الْحَمِيم هِيَ البرود السلسل))

وَإِمَّا لتنفير من يسمع بِحسن معشوقهم عَن عشقه بِذكر بخله بوصاله وتعنته ودلاله فيصفو مورد الْعِشْق من كدر الْغيرَة والمزاحم ويخلو العاشق بِمَا يجلو بَصَره من الْمُشَاهدَة. ...

<<  <  ج: ص:  >  >>