وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته: وَأما يَا أنتا فشاذ لِأَن الْموضع مَوضِع نصب وَأَنت ضمير رفع فحقه أَن لَا يجوز كَمَا لَا يجوز فِي إياك لَكِن بعض الْعَرَب قد جعل بعض الضمائر نَائِبا عَن غَيره كَقَوْلِهِم: رَأَيْتُك أَنْت بِمَعْنى رَأَيْتُك إياك فناب ضمير الرّفْع عَن ضمير النصب وَكَذَلِكَ قَالُوا: يَا أنتا وَالْأَصْل يَا إياك. وَقد يُقَال: إِن يَا فِي يَا أَنْت حرف تَنْبِيه وَأَنت مُبْتَدأ وَأَنت الثَّانِيَة تَأْكِيد وَقَالَ ابْن عُصْفُور: وَلَا يُنَادى الْمُضمر إِلَّا نَادرا والأسماء كلهَا تنادى إِلَّا الْمُضْمرَات أما ضمير الْغَيْبَة وَضمير الْمُتَكَلّم فهما مناقضان لحرف النداء لِأَن حرف النداء يَقْتَضِي الْخطاب وَلم يجمع بَين حرف النداء وَالضَّمِير الْمُخَاطب لِأَن أَحدهمَا يُغني عَن الآخر فَلم يجمع بَينهمَا إِلَّا فِي الشّعْر مثل قَوْله:
(يَا أَقرع بن حابسٍ يَا أنتا ... أَنْت الَّذِي ... ... ... ... . الْبَيْت)
فَمنهمْ من جعل يَا تَنْبِيها وَجعل أَنْت: مُبْتَدأ وَأَنت الثَّانِي إِمَّا تاكيداً أَو مُبْتَدأ أَو فصلا أَو بَدَلا. وَدلّ كَلَامه على أَن الْعَرَب لَا تنادي ضمير الْمُتَكَلّم فَلَا تَقول: يَا أَنا وَلَا ضمير الْغَائِب فَلَا تَقول: يَا إِيَّاه وَلَا يَا هُوَ فَكَلَام جهلة الصُّوفِيَّة فِي نِدَاء الله تَعَالَى: يَا هُوَ لَيْسَ جَارِيا على كَلَام الْعَرَب. كَلَام أبي حَيَّان.
وَهَذَانِ البيتان من أرجوزة لسالم بن دارة وَقد حرف الْبَيْت الأول على أوجهٍ كَمَا رَأَيْت.
وَصَوَابه: يَا مر يَا ابْن وَاقع يَا أنتا)
وَرَوَاهُ الْعَيْنِيّ كَرِوَايَة الشَّارِح وَزعم أَن قَائِله الْأَحْوَص. وَهُوَ وهم إِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute