للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأول من تصدى لبدعة تتبع آثار مقامات النبي المكانية وتحري العبادة عندها، الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (١)، ثم بعد ذلك توالى أئمة السلف في كل قرن ينهون عن تحري العبادة عند الآثار، ويكرهون زيارتها.

ولتوضيح ذلك سأذكر أوجه تحريم إحيائها بالزيارة قصد التعبّد والقربة، كالتالي:

١ ثبوت النهي المقتضي للتحريم؛ استنادًا على فعل الخليفة الراشد، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (٢)، وإقرار الصحابة له عندما نهى عن الصلاة في المواضع التي صلى بها النبي عرضًا.

كما جاء في الأثر الثابت عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من مكة إلى المدينة، فلما أصبحنا صلى بنا الغداة، ثم رأى الناس يذهبون مذهبًا، فقال: أين يذهب هؤلاء؟

قيل يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه رسول الله هم يأتون يصلون فيه، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم فيتخذونها كنائس وبيعًا، من أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل، ومن لا، فليمض، ولا يتعمّدها (٣).


(١) أمر النبي باتباع سُنَّته كما جاء في الحديث الصحيح قال : «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» سبق تخريجه راجع فضلاً (٤٨).
(٢) التحذير من تعظيم الآثار غير المشروعة (٤/ ٢٢٣).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٢/ ١١٨/ ح ٢٧٣٤)، وسعيد بن منصور في سننه كما أشار شيخ الإسلام في الاقتضاء (٢/ ٢٧٣)، وابن وضاح في البدع والنهي عنها (٨٧)، وحكم عليه محققه: عمرو عبد المنعم سليم بأن: إسناده حسن، وأخرجه أيضًا الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٤/ ٣٩٧/ ح ٥٧٠٨)، وصحح الألباني: إسناده، وقال: على شرط الستة. يُنظر: الثمر المستطاب (١/ ٤٧٢)، وقال أيضًا في تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (١٢٥): سنده صحيح على شرط الشيخين.

<<  <   >  >>