للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يتبين حرمة اتخاذ القبر معلمًا أثريًّا، وأبرز أوجه التحريم في ذلك: مخالفة القبر للصفة الشرعية، ومخالفة الزيارة لمقاصد الشريعة.

وأما بالنسبة لزيارة الرجال للقبور، في حال انتفاء الصفة الشرعية للقبور بالبناء عليها، وحصول المنكرات التي يصل بعضها إلى الشرك بالله، فتُمنع الزيارة شرعًا لا لتحريم أصل الزيارة؛ وإنما الحرمة عارضة لما صحب القبر من مظاهر شركية وتصرفات بدعية، ويستثنى من ذلك من يزورها؛ مُنكرًا ولديه القدرة الشرعية على تغيير المنكر أو إزالته كما سياتي آنفًا بيانه بالتفصيل.

[المسألة الثالثة: حكم إحياء القبور والمشاهد بالزيارة]

يختلف حكم زيارة القبور والمشاهد باختلاف هيئة المكان الذي لا يخرج عن حالين:

أ القبور الشرعية، التي لا بناء عليها، ولا يزيد فيها ارتفاع القبر عن الأرض نحو شبرين.

ب المشاهد البدعية، المبني عليها المسجد أو القبة أو الفسطاط (١) أو الخباء (٢)، وغيرها من الأبنية (٣).

[أ حكم زيارة القبور الشرعية]

ورد النهي عن زيارة القبور في أول الإسلام ثم أُذن بالزيارة؛ وقد علل بعض العلماء ذلك بأنه من باب سد ذريعة الشرك؛ لكون المسلمين حديثي عهد بالكفر، ثم لما تمكّن التوحيد في قلوبهم، أُذن لهم بالزيارة مع التحلي بآدابها، والتقيّد بضوابطها حتى لا تتعلق القلوب بالقبور وأهلها؛ فيقع الغلو


(١) الفسطاط: بيت من الشعر، وهو ضرْب مِنَ ضروب الأَبنية. يُنظر: لسان العرب (٧/ ٣٧١)، المصباح المنير، للفيومي (٢/ ٤٧٢).
(٢) الخباء: ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر، ويكون على عمودين أو ثلاثة وما فوق ذلك فهو بيت. يُنظر: المصباح المنير، للفيومي (١/ ١٦٣).
(٣) يُنظر: أحكام المقابر في الشريعة الإسلامية (١٨٦ - ١٩٧)، بدع القبور (١٧٨ - ١٨٦).

<<  <   >  >>